ثورة «غيران» في الجيش الروسي.. مسيرات «ذكية» تعيد رسم ملامح الحرب

تشهد ساحة الحرب في أوكرانيا تحولًا نوعيًا في استخدام المسيرات الانتحارية الروسية من طراز شاهِد-136، والمعروفة محليًا باسم “غيران-2”.
وأثبتت هذه المسيرات مؤخرًا قدرتها على ضرب أهداف متحركة وديناميكية قرب خطوط التماس، في خطوة يصفها الخبراء بأنها قد تعيد رسم ملامح الدعم الجوي في الحروب الحديثة، وفقا لمجلة مليتري ووتش.
في هذا الإطار، أكد الليفتنانت كولونيل أرسان دميتريك من الحرس الوطني الأوكراني، في تصريحات صحفية، أن هذه الطائرات باتت تمثل “تهديدًا متزايدًا للوحدات الأمامية”، محذرًا من أن توسع الإنتاج الروسي “قد يفاقم الخطر في الشهور المقبلة”.
وخلافا لمرحلة استخدامها الأولى في عام 2022، حين اقتصر دورها على استهداف البنى التحتية والطاقة، أصبحت الآن جزءًا من منظومة الدعم الجوي القريب للقوات البرية الروسية.
ويشير محللون عسكريون إلى أن قدرة هذه الطائرات على البحث التلقائي عن أهداف ثابتة ومتحركة داخل العمق الأوكراني تمثل تطورًا جوهريًا، يعوّض القصور الروسي في سلاسل القتل بعيدة المدى.
وقد تحقق ذلك عبر دمج وصلات بيانات مباشرة، تتيح للطائرة تحديث معلومات الهدف في الوقت الفعلي، ما جعلها أكثر فاعلية في ضرب قوافل الإمداد، وحدات المدفعية، ومنظومات الدفاع الجوي.
لكن التطور الأكثر إثارة للانتباه تمثل في استخدامها لنشر ألغام مضادة للدبابات من طراز بي تي إم-3 على طرق الإمداد الأوكرانية، وهو تكتيك تأُكّد للمرة الأولى في أغسطس/آب الماضي.
وبفضل مداها الذي يصل إلى نحو 1000 كيلومتر، أصبحت هذه الطائرات قادرة على زرع ألغام داخل العمق الأوكراني، ما يوسّع نطاق تأثيرها إلى ما وراء خطوط الجبهة التقليدية.
على الجانب الصناعي، يشكل التوسع الهائل في إنتاج “غيران-2” أحد مفاتيح الاستراتيجية الروسية الجديدة، فوفقًا لتقرير لمجلة الإيكونوميست نشر في مايو/أيار الماضي، ارتفع الإنتاج من نحو 300 طائرة شهريًا إلى أكثر من 100 طائرة يوميًا، مع توقعات بوصوله إلى 500 طائرة يوميًا خلال الفترة المقبلة.
وتقدّر تكلفة المسيرة الواحدة بنحو 30 ألف دولار فقط، ما يجعلها خيارًا اقتصاديًا مقارنة بالصواريخ الباهظة التي تُستخدم عادة لتحقيق التأثير نفسه.
كما أشارت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية في الوقت نفسه إلى أن روسيا أصبحت “تُنتج صواريخ وطائرات مسيرة أسرع مما تستخدمها”، ما يسمح لها ببناء مخزون استراتيجي متنامي وزيادة الضغط المستمر على الدفاعات الأوكرانية المنهكة.
وتتحدث تقارير استخباراتية عن مشاركة آلاف العمال الكوريين الشماليين – يُقدّر عددهم بنحو 25 ألفًا – في تشغيل خطوط الإنتاج الروسية الجديدة، في مؤشر على اتساع شبكة الإمداد الدولية خلف هذا البرنامج العسكري.
ويرى الخبراء أن هذه التحولات تجعل من الطائرات الانتحارية الروسية أداة حرب منخفضة الكلفة ومرتفعة الفاعلية، وقد تُجبر جيوش العالم على إعادة تقييم مستقبل طائرات الدعم الجوي التقليدية، في بيئة تتزايد فيها فاعلية أنظمة الدفاع الجوي الحديثة.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز