اسعار واسواق

فرنسا 2050.. باريس ترسم مستقبلها الاقتصادي وسط اضطراب سياسي حاد (حوار)


في وقت تشهد فيه فرنسا أزمة سياسية، أطلق المفوض الأعلى للاستراتيجية والتخطيط، كليمان بون، الأربعاء، مشروعا وطنيا يمتد على مدى 10 أشهر.

 يهدف المشروع إلى استشراف ملامح “فرنسا 2035” و”فرنسا 2050″، في محاولة لإعادة التفكير في مستقبل البلاد وسط حالة انقسام وتراجع ثقة غير مسبوقين.

ويأتي هذا المشروع في لحظة سياسية غير مستقرة، إذ لم تصمد الحكومة الأخيرة سوى خمس عشرة ساعة فقط، ولا أحد يعلم من سيكون رئيس الوزراء المقبل غدًا، أو الأسبوع المقبل، أو حتى بعد ثلاثة أشهر، بحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية.

وفي ظل هذا الغموض السياسي الحاد، دعا بون، خلال كلمته في قاعة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى “تأمل جماعي في مستقبل فرنسا”، مؤكدًا أن “هذا العمل لن يحل أزمتنا السياسية، ولن يصلح نموذجنا الاجتماعي، لكنه قد يعيد الأمل والثقة في مجتمع فقد توازنه”.

من جانبه، قال فيليب أجيون، الاقتصادي الفرنسي والمحاضر في معهد كوليج دو فرانس، في تصريح لـ”العين الإخبارية”: “إن أحد أكبر التحديات التي تواجه فرنسا هو تباطؤ الإنتاجية”، موضحًا أنه رغم الإمكانيات التكنولوجية والقدرات البشرية الكبيرة، فإن هناك عقبات هيكلية مثل ضعف الابتكار، وضعف هيكلة بعض القطاعات الصناعية، وقلة الاستثمار في البحث والتطوير، وتعقيد القوانين التي تعرقل نشاط الشركات الصغيرة والمتوسطة”.

ووفقًا لأجيون، “إذا لم تُعالج هذه العوامل، فستبقى الخطط طويلة الأمد مثل فرنسا 2050 مجرد شعارات على الورق دون تطبيق فعلي”.

وأكد أن تحسين الإنتاجية يتطلب إصلاحات ضريبية، وتسهيل الوصول إلى رأس المال، وتوسيع نطاق الرقمنة، وتعزيز البنية التحتية في مجالات النقل والطاقة وغيرها.

أما على الصعيد الديموغرافي، فأوضح الخبير الفرنسي أن شيخوخة السكان وضعف معدلات الولادة يشكلان ضغطا متزايدا على أنظمة التقاعد والرعاية الصحية، كما أن التفاوت بين المناطق الحضرية والريفية يؤدي إلى فجوات في الخدمات وفرص العمل.

وشدد أجيون على ضرورة أن يتضمن المخطط الوطني سياسات سكانية فعالة، وجهودا لتعزيز الهجرة المنظمة، وتحسين دمج الأجيال في سوق العمل، إضافة إلى دعم الأسرة، لضمان توازن النمو السكاني مع القدرات الإنتاجية.

ورأى أن الخطة لن تتجاوز كونها “رؤية جميلة على الورق” ما لم تُدعَم بإرادة سياسية قوية، واستمرارية حكومية، وضمانات تحول دون تعطيل التنفيذ بفعل التغييرات السياسية أو الأزمات الانتقالية.

وأشار إلى أن الاستقرار السياسي يُعد شرطًا أساسيًا لتفعيل رؤية 2035–2050، من خلال منح الوزارات والإدارات التنفيذية والجهات المحلية الموارد والآليات الكفيلة بتنفيذ السياسات على مدى سنوات طويلة، وبناء توافق واسع مع المواطنين والمجتمع المدني لتجنّب أن تتحول الرؤية إلى مادة للجدل الانتخابي تُنسى مع تغير الحكومات.

وقد اختارت المفوضية عشرة محاور رئيسية تشمل: الديموغرافيا، والديمقراطية، والتغير المناخي (بزيادة متوقعة قدرها +2.7 درجة مئوية)، والمالية العامة، والأمن والدفاع الوطني، وغيرها.

وسيشارك في قيادة هذه الدراسات سبع شخصيات بارزة، من بينها ماجدا توماسيني، المديرة السابقة للمعهد الوطني للدراسات الديموغرافية، إلى جانب وجوه ارتبطت بفترة حكم ماكرون، مثل أنطوان بيون (الأمين العام السابق للتخطيط البيئي) وأنطوان فوشيه (مدير ديوان وزيرة العمل بين عامي 2017 و2020).

واعتبارًا من يناير/كانون الثاني المقبل، ستنطلق مشاورات وطنية موسعة بالتعاون مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، على أن يُقدَّم التقرير النهائي إلى رئيس الجمهورية في يونيو/حزيران 2026.

وفي ختام الحدث، قال تييري بوديه، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي: “العمل المستند إلى المدى الطويل هو ما يمنحنا القدرة على صناعة المستقبل بدل أن نُجبر على الخضوع له”.

ومنذ حلّ الجمعية الوطنية في يونيو/حزيران 2024، أصبحت الاضطرابات السياسية السمة الغالبة في المشهد الفرنسي، ما أدى إلى تعطيل مشاريع استراتيجية كبرى مثل خطة “التحول البيئي” التي أُطلقت عام 2022 وتوقفت فعليًا منذ عدة أشهر.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى