اسعار واسواق

الذهب يتجاوز حاجز 4 آلاف دولار.. العالم يفقد ثقته في النظام المالي (حوار)


يشهد العالم موجة غير مسبوقة من الاضطراب الاقتصادي والسياسي دفعت أسعار الذهب لتسجيل مستويات قياسية، ما أكد أن المعدن النفيس هو الملاذ الآمن الأبرز في زمن الشكوك العالمية.

حذر الخبير الاقتصادي الفرنسي أرنو دو بليزي، مدير استراتيجيات الذهب والمعادن النفيسة في شركة “سي بي آر أسيست” (CPR Asset) بباريس، من أن صعود سعر الذهب القياسي وكسره حاجز 4 آلاف دولار للأوقية، رغم أنه يعكس ثقة المستثمرين بالمعدن الأصفر كملاذ آمن، قد يكون أيضا إشارة إلى تدهور الثقة في النظام المالي العالمي وبداية موجة اضطراب طويلة الأمد.

وقال بليزي في تصريحات خاصة لـ”العين الإخبارية” إن: “ما نشهده اليوم هو ظاهرة مركبة تجمع بين انعدام اليقين في السياسة والاقتصاد العالمي، وانخفاض عوائد الأصول التقليدية، مما يدفع المستثمرين للبحث عن الملاذات الآمنة”.

وأضاف: “الذهب، بصفته أصلًا لا يحمل التزامات أو ديونًا، يُنظر إليه اليوم كحصن ضد التضخم والتقلبات السياسية والمالية”.

وتابع بليزي موضحا: “ضعف الدولار وتراجع العوائد الاسمية للسندات وأسعار الفائدة البنكية كلها عوامل تُضاف إلى جاذبية الذهب كخيار لتخزين القيمة”.

وحذّر من أن هذا الارتفاع قد لا يكون مستدامًا، قائلاً: “من الممكن أن نشهد تصحيحات قوية إذا تحسن المناخ السياسي أو الاقتصادي العالمي، أو ارتفعت أسعار الفائدة بشكل مفاجئ، مما قد يقلل من جاذبية المعدن النفيس. الاستثمار في الذهب مناسب الآن كجزء من محفظة دفاعية، لكنه ليس رهانًا وحيدًا على المدى الطويل”.

الذهب يسجل رقما تاريخيا غير مسبوق

في مشهد غير مسبوق بأسواق المال العالمية، تجاوز سعر الذهب صباح الأربعاء حاجز 4 آلاف دولار للأوقية، مسجلا رقما قياسيا تاريخيا يعكس حالة القلق التي تهيمن على الاقتصاد العالمي.

فمن الشلل الحكومي في الولايات المتحدة إلى الأزمة السياسية في فرنسا، مرورًا بالتوترات الجيوسياسية من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، لم يجد المستثمرون سوى الذهب كملاذ آمن amid اضطرابات اقتصادية وسياسية غير مسبوقة.

وبحسب صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية، سجل الذهب في الساعات الأولى من تداولات الأربعاء 4001.11 دولار للأوقية في السوق الفورية، وهو أعلى مستوى في تاريخه.

وفي بورصة كومكس (Comex) للمواد الأولية في نيويورك، تجاوز عقد الذهب لتسليم ديسمبر/كانون الأول حاجز الـ4 آلاف دولار منذ مساء الثلاثاء، مدفوعًا بموجة شراء كثيفة من المستثمرين الباحثين عن الأمان وسط ضبابية اقتصادية عالمية.

الاقتصاد العالمي في قلب العاصفة

يعزى هذا الصعود التاريخي إلى مزيج قاتم من العوامل، أبرزها:

  • الشلل الحكومي الأمريكي نتيجة الخلافات حول الموازنة الفيدرالية.
  • الأزمة السياسية في فرنسا بعد استقالة رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو.
  • تزايد التوترات الجيوسياسية في أوكرانيا والشرق الأوسط.

كل ذلك دفع المستثمرين إلى اللجوء إلى ما يُعرف بـ”الملاذات الآمنة”، وعلى رأسها الذهب، لحماية رؤوس أموالهم من مخاطر الأسواق المضطربة.

منذ بداية عام 2025، ارتفع الذهب بنسبة تقارب 51%، وهي قفزة مذهلة خلال أقل من عشرة أشهر، بينما بلغت الزيادة خلال السنوات الثلاث الماضية نحو 135%.

وتجاوز المعدن الأصفر خلال العام الحاري محطات كانت حتى وقت قريب “خيالية”:

  • 3000 دولار للأوقية في مارس/آذار
  • 3500 دولار في سبتمبر/أيلول
  • 4000 دولار في أكتوبر/تشرين الأول

ويرى الخبراء أن هذه القفزات السريعة تعكس حالة قلق عالمي وفقدان ثقة بالأسواق والمؤسسات المالية، لا مجرد تضخم أو تقلبات دورية.

يستفيد الذهب من تراجع أسعار الفائدة في أوروبا والولايات المتحدة، إذ لا يدرّ الذهب عوائد مالية مباشرة، لكنه يصبح أكثر جاذبية عندما تنخفض الفوائد، لأن تكلفة الاحتفاظ به تقل.

كما أن ضعف الدولار الأمريكي عزز من ارتفاع المعدن النفيس، لأن الذهب مقوّم بالدولار، ما يعني أن أي تراجع في قيمة العملة الأمريكية يؤدي تلقائيًا إلى ارتفاع سعر الذهب عالميًا.

من جانب آخر، زادت البنوك المركزية في دول ناشئة مثل روسيا والصين وتركيا من مشترياتها من الذهب في محاولة لتقليل اعتمادها على الدولار، وهو ما أضاف دعمًا كبيرًا للطلب العالمي.

يرى محللو الأسواق أن الارتفاع القياسي لا يتعلق فقط بعوامل التضخم أو الفائدة، بل يعكس أزمة ثقة عالمية شاملة في النظامين المالي والسياسي الدوليين.

فالمستثمرون ينظرون إلى الذهب باعتباره رمزًا للاستقرار وسط الفوضى، في وقت تفشل فيه الحكومات الكبرى في تهدئة المخاوف من الركود أو تقديم رؤية اقتصادية واضحة.

وبين أزمة الديون الأمريكية والتجاذبات السياسية الأوروبية وتزايد النزاعات الدولية، أصبح الذهب المؤشر الحقيقي لنبض الخوف العالمي.

وفق بيانات الأسواق العالمية، شكلت المخاوف الجيوسياسية والاقتصادية العامل الأكبر وراء ارتفاع الذهب بنسبة 54% منذ بداية العام، ليبلغ مستوى قياسيًا غير مسبوق عند أكثر من 4 آلاف دولار للأوقية.

وقال جون ماير، المحلل في شركة S.P Angel الاستشارية، إن: “سوق الذهب تمر بتحرك لا يتكرر إلا مرة في كل جيل”.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى