اسعار واسواق

إخوان ألمانيا.. 4 أسباب ترجئ الحظر وروشتة للمواجهة


عبر واجهات قانونية ودينية وثقافية متشابكة، تطل جماعة الإخوان برأسها في المجتمع الألماني، حيث تعمل على بناء شبكات نفوذ ناعمة تتسلل إلى مؤسسات التعليم والمجتمع المدني، وتعيد إنتاج خطابها الأيديولوجي بملامح أوروبية.

فألمانيا، التي تتعامل مع جماعة «الإخوان» باعتبارها أحد أخطر تحديات الإسلام السياسي، ليس لأنها منظمة محظورة أو تمارس العنف بشكل مباشر، بل لأنها تعمل بمرونة عبر واجهات قانونية ودينية وثقافية تبدو مندمجة مع المجتمع، بينما تحمل في بنيتها الداخلية أهدافا طويلة الأمد لإعادة تشكيل وعي الجاليات المسلمة وفق رؤية أيديولوجية مغلقة.

في هذا السياق، يظل ملف الإخوان في ألمانيا مختلفًا عن التجارب الأوروبية الأخرى: فبينما لجأت دول مثل النمسا إلى سن تشريعات حاسمة ضد الجماعة، اختارت برلين نهجا أكثر تعقيدا يقوم على الرقابة الاستخباراتية والتجفيف المالي والقيود المؤسسية بدلًا من الحظر الشامل.

هذه المقاربة تعكس طبيعة النظام القانوني والسياسي الألماني، حيث يشكل مبدأ «النظام الديمقراطي الحر» الأساس الدستوري الذي يمنح السلطات حق المراقبة، لكنه في الوقت ذاته يفرض قيودًا صارمة على إجراءات الحظر.

وبذلك، يظل السؤال مفتوحًا: لماذا لا تحظر ألمانيا الإخوان بشكل كامل؟

السبب الأول: غياب كيان قانوني موحد

بحسب المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، فإن الإخوان في ألمانيا لا يتخذون شكل جمعية واحدة يمكن حظرها، بل عبر شبكة واسعة من الجمعيات والمراكز.

هذا التفكك الهيكلي يعقد أي محاولة لتطبيق قانون الحظر الذي يستلزم وجود كيان رسمي محدد، بحسب المركز الأوروبي، الذي أشار إلى أن جماعة الإخوان نجحت في تكوين شبكة علاقات قوية مع التجمع الإسلامي ومنظمة الجالية المسلمة بألمانيا، ما منحها فرصة التواجد بين المسلمين الألمان والسيطرة بشكل أوسع على المساجد، ونشر أفكارها بشكل تدريجي بهدف عدم إثارة الشكوك حولها.

ليس هذا فحسب، بل إن الإخوان يعملون عبر خلايا سرية لاستقطاب الشباب والفئات غير القادرة على الاندماج بالمجتمع والفئات الأقل تعليما، مما جعل لهم ثقلا كبيرا وممتدا داخل المجتمع الألماني منذ عقود طويلة.

السبب الثاني.. معايير صارمة

يتيح الدستور الألماني حظر الجمعيات التي تسعى إلى تقويض النظام الديمقراطي الحر، لكن شرط ذلك تقديم أدلة ملموسة على نوايا الانقلاب أو العنف، بحسب المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، الذي أكد أن عدم رفع الإخوان في ألمانيا شعارات العنف علنًا، وتقديم أنفسهم كشركاء في الحوار المجتمعي، يصعب على السلطات إثبات وجود تهديد مباشر.

خصوصية التجربة الألمانية تكمن في أن البلد الأوروبي منحت منذ البداية مساحة كبيرة للتنظيمات الإسلامية لبناء مؤسساتها، باعتبارها ممثلًا للجاليات المهاجرة، غير أن هذا الخيار السياسي مكن الإخوان من ترسيخ نفوذهم عبر مؤسسات تعليمية وثقافية وخيرية، جعلت منهم لاعبًا أساسيًا في تمثيل المسلمين أمام السلطات.

ومع مرور الوقت، لم يعد النقاش مقتصرًا على طبيعة عمل هذه المؤسسات، بل امتد إلى سؤال أعمق حول هوية القيادات التي تديرها، وكيفية ارتباطها بشبكات التمويل والتأثير داخل ألمانيا وخارجها.

السبب الثالث.. ضعف الأدلة القضائية

ويقول المركز الأوروبي، إن المحاكم الألمانية لا تقبل المعلومات الاستخباراتية فقط كدليل للحظر، بل تشترط مستندات أو اعترافات أو تحريضا علنيا، ما يجعل من عملية الإجراءات القضائية لحظر الإخوان بطيئة ومليئة بالثغرات، مما يمنح الجماعة فرصة للاستمرار ضمن إطار قانوني ظاهري.

السبب الرابع… حسابات سياسية واجتماعية

بحسب التقرير، فإن الحكومة الألمانية تدرك أن أي حظر شامل على الإخوان قد يثير جدلا داخليا حول حرية المعتقد والتنظيم، وقد تستغله الجماعة لتصوير نفسها كضحية.

يأتي هذا إضافة إلى أن بعض الأحزاب ترى أن غياب الإخوان عن الساحة قد يفتح الباب أمام تيارات أكثر تطرفًا، في توازن يجعل من الرقابة خيارا ألمانيًا، آمنا، قبل أية خطوة للحظر.

فهل يعني ذلك أن حظر الإخوان أمرًا مستحيلا في ألمانيا؟

يرى المركز الأوروبي إمكانية حظر الإخوان في ألمانيا، لكنه أكد ضرورة اتخاذ عدد من الخطوات أولا:

توسيع البحث الأكاديمي:

عبر دعم المؤسسات البحثية لدراسة شبكات الإخوان بعمق، الأمر الذي يمهد إلى تتبع وكشف طرق التمويل والعلاقات العابرة للحدود، مما يسهل عمل الإجراءات القضائية الممهدة لإصدار قرار بحظر الإخوان.

مراجعة التمويلات:

يرى المركز الأوروبي، أن مراجعة التمويلات الخيرية، أمر ضروري، مشددًا على أهمية فرض تدقيق دوري على مصادر التمويل الأجنبي للمؤسسات الدينية والخيرية.

تعزيز الشفافية:

أكد التقرير الأوروبي، ضرورة اشتراط نشر تقارير مالية سنوية لجميع الجمعيات ذات الطابع الديني أو الخيري، مما يسهل عملية تتبع مصادر أموال الإخوان المسلمين.

سياسة مزدوجة:

بحسب التقرير الأوروبي، فإن يجب الجمع بين الرقابة الصارمة ودعم مشاريع الاندماج التي تعزز حضور المسلمين الملتزمين بالدستور.

إشراك المجتمع المدني:

المركز الأوروبي اعتبر أن بناء شراكات مع منظمات مسلمة معتدلة تعلن التزامها الواضح بالقيم الديمقراطية، أمر لا بد منه لتقليص نفوذ الإخوان.

إعادة هيكلة تمثيل الجاليات المسلمة:

شدد التقرير على ضرورة بذل الحكومة الألمانية جهودًا للعمل على بناء شراكات مع منظمات بديلة تعكس التنوع داخل المجتمعات المسلمة.

تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي الأوروبي:

بحسب المركز الأوروبي، فإنه على أجهزة الأمن الأوروبية تكثيف تبادل المعلومات لرصد التحركات العابرة للحدود، وتتبع الأفراد والكيانات المرتبطة بالإخوان.

ضبط المحتوى الديني والتعليمي:

وفي خطوة تمهيدية لحظر الإخوان، يجب مراجعة المواد التعليمية والخطب الدينية الممولة من الخارج، وضمان توافقها مع القيم الدستورية الألمانية ومبادئ حقوق الإنسان.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى