اسعار واسواق

مراكز البيانات والطاقة في قلب السباق الأوروبي نحو الذكاء الاصطناعي


في خضم السباق العالمي لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، تتجه أنظار المستثمرين في أوروبا نحو القطاعات الداعمة للبنية التحتية، مثل مراكز البيانات والطاقة، باعتبارها حجر الأساس لهذه الطفرة.

ففي حين تواصل أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى تحطيم الأرقام القياسية، تسجّل أوروبا أداءً لافتًا في القطاعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي من خلف الكواليس.

فقد ارتفع مؤشر يضم عشر شركات أوروبية في قطاعات البنية التحتية ومراكز البيانات بنسبة 23% منذ بداية 2025، متفوقًا على مكاسب مؤشر “ستوكس يوروب 600” البالغة 12%، بل وحتى على مؤشر “ناسداك 100” الأمريكي.

الرهان على البنية التحتية

ورغم أن مكاسب الشركات الأوروبية لا تضاهي الطفرة التي شهدها قطاع الطاقة الأمريكي، إلا أن كبار المستثمرين مثل بلاك روك وجيه بي مورغان يرون في البنية التحتية الأوروبية فرصة استراتيجية طويلة المدى، مدعومة بتدفق استثمارات الذكاء الاصطناعي عالميًا.

وتقول هيلين غويل، كبيرة مسؤولي الاستثمار في “بلاك روك” لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط: “قد لا يبدو الاستثمار في البنية التحتية مثيرًا مثل شركات التكنولوجيا، لكن استقرار الشبكات وكفاءة الطاقة هو جوهر قصة الذكاء الاصطناعي في أوروبا.”

وفي حين يستفيد قطاع التكنولوجيا في أمريكا وآسيا مباشرة من الطلب على الرقائق والمعالجات، فإن الشركات الأوروبية المرتبطة بشبكات الكهرباء، والطاقة، ومراكز البيانات تلعب دورًا غير مباشر لكنه حاسم في تشغيل هذه المنظومات.

شركات صاعدة

أحد أبرز الأمثلة على هذا التوجه هو شركة سيمنس إينرجي، التي ارتفع سهمها 111% منذ بداية العام، بفضل دورها في توفير الطاقة لمراكز البيانات، ما جعلها أحد أعمدة محافظ الأسهم الأوروبية لدى كبرى المؤسسات الاستثمارية.

ورغم هذه الطفرة، لا تزال “سيمنس إينرجي” تُتداول بسعر يقل بنحو 60% عن منافستها الأمريكية “جي إي فيرنوفا”، ما يمنحها جاذبية إضافية من حيث التقييم. إلى جانبها، تبرز شركات أخرى مثل “أورانج” الفرنسية و”ناشيونال غريد” البريطانية كمرشحين بارزين للاستفادة من توسّع شبكات البيانات والطاقة.

كذلك لفتت شركة بريسمان الإيطالية لصناعة الكابلات الأنظار بعد صعود سهمها بنسبة 41% هذا العام. أما شركة لوغراند الفرنسية، المتخصصة في معدات مراكز البيانات، فقد حققت نموًا في إيرادات هذا القطاع بنسبة 20% خلال 2024، وتعتبر الآن بين أبرز الرهانات في المحافظ الأوروبية.

تحولات جيوسياسية وفرص محلية

إلى جانب العوامل الاقتصادية، تلعب الاعتبارات الجيوسياسية دورًا في توجيه الاستثمارات داخل أوروبا. فشركات مثل نوكيا الفنلندية تستفيد من تفضيل الحكومات الأوروبية لمورّدين محليين في معدات الشبكات، بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية أو الصينية.

كما تعمل شركات الاتصالات مثل “أورانج” على تحويل مراكز البيانات الحالية لتتلاءم مع احتياجات الذكاء الاصطناعي، ضمن خطط توسع تشمل أكثر من 70 مركزًا حاليًا في فرنسا وخارجها.

تحديات قائمة وآفاق واعدة

ورغم الزخم، لا تخلو هذه المسارات من التحديات، أبرزها غياب صناديق استثمار متخصصة في هذا المجال داخل أوروبا، وضعف السيولة في بعض أسهم البنية التحتية، إلى جانب تشريعات الاتحاد الأوروبي الصارمة المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي، والتي قد تُبطئ النمو مقارنة بالولايات المتحدة.

ومع ذلك، يتفق المستثمرون على أن أوروبا دخلت مرحلة جديدة من المنافسة، مدعومة بتوسعات ضخمة لشركات كبرى مثل “إنفيديا” التي تطور مراكز بيانات في كل من بريطانيا وفرنسا وإسبانيا والسويد. وفي توصيف دقيق للوضع، شبّه أحد مديري الأصول في لندن هذا السباق بـ”حرب باردة جديدة”، مضيفًا: “بالنسبة لأوروبا، هو ماراثون طويل الأمد… لكن العوائد ستأتي، وإن تأخرت قليلًا.”

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى