المكيفات المركزية.. كيف ترتبط بانتشار مرض الفيالقة؟

في ظل موجات الحر المتكررة، أصبحت المكيفات الهوائية الضخمة التي تخدم البنايات السكنية والتجارية، جزءاً أساسياً من الحياة اليومية.
لكن تقارير حديثة، أبرزها ما نشره مؤخرا موقع “ويرد”، تكشف وجهاً مقلقاً لهذه التكنولوجيا، إذ يمكن أن تتحول أنظمة التبريد العملاقة إلى بيئة مثالية لتكاثر بكتيريا الليجيونيلا، المسببة لمرض الفيالقة، وهو نوع خطير من الالتهاب الرئوي.
ويعود هذا المرض إلى حادثة وقعت عام 1976 خلال مؤتمر للرابطة الأمريكية للمحاربين القدامى في فيلادلفيا، حين أصيب أكثر من 200 شخص بنوع غامض من الالتهاب الرئوي وتوفي منهم العشرات. وبعد تحقيق موسع، تمكن العلماء من عزل بكتيريا جديدة لم تكن معروفة آنذاك وأطلقوا عليها اسم ليجيونيلا ” أي الفيلق”، نسبة لاكتشافها في الفيلق الأمريكي للمحاربين القدامى، لتصبح الواقعة أول تفشٍ موثق للمرض، ويُخلّد اسم “الفيلق” في تسمية هذا الداء.
وعدوى “الفيالقة ” لا تنتقل عادة من شخص لآخر، بل عن طريق استنشاق رذاذ ماء ملوث بالبكتيريا المنبعث من أبراج التبريد، الدُش أو حتى النوافير العامة، وتُسجل معظم الحالات في فصل الصيف وأوائل الخريف عندما ترتفع درجات الحرارة وتزداد معدلات استخدام المكيفات.
وأعراض المرض تبدأ بحمى شديدة وسعال وضيق في التنفس، وقد تتطور إلى التهاب رئوي حاد يهدد الحياة، خصوصاً لدى كبار السن أو من يعانون ضعفاً في المناعة، ويؤكد الخبراء على أن العلاج المبكر بالمضادات الحيوية يزيد فرص الشفاء، لكن الوقاية تبقى الخيار الأهم من خلال الفحص المنتظم لأنظمة التكييف ومراقبة جودة المياه في المباني العامة.
كيف يحدث المرض؟
وعن كيفية حدوث الداء، أوضح تقرير موقع “ويرد”، أن أبراج التبريد تعمل على تبريد الهواء عبر تدوير المياه، وغالباً ما تبقى هذه المياه راكدة ودافئة داخل الأنظمة، وهذه الظروف تعتبر مثالية للبكتيريا، التي ما إن تتكاثر حتى تنتقل عبر الرذاذ المتطاير إلى الهواء المحيط، لتصبح قابلة للاستنشاق من قِبل السكان، وبمجرد دخولها إلى الرئة، قد تسبب التهابا رئويا حادا لتصل نسبة الوفيات الناتجة عنه إلى 10%، خصوصاً بين كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.
ويحذر الخبراء من أن تغير المناخ يزيد خطورة مرض الفيالقة، إذ تسهم الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية والأمطار الغزيرة في تسريع تكاثر البكتيريا داخل أنظمة التبريد وشبكات المياه. وقد سجلت ولايات مثل ميشيغان وأوهايو وبنسلفانيا بأمريكا ارتفاعاً في عدد الإصابات خلال السنوات الأخيرة، مع تزايد الاعتماد على أنظمة التبريد القديمة.
ولا تقتصر المشكلة على الجانب الصحي فحسب، بل تتداخل أيضاً مع البعد الاجتماعي. فالأحياء منخفضة الدخل غالباً ما تعتمد على بنايات قديمة وبنى تحتية مهترئة، ما يزيد من احتمالية تراكم البكتيريا وانتشارها. وبذلك يصبح المرض مثالاً على كيف يفاقم تغير المناخ أوجه عدم المساواة الصحية بين الفئات الاجتماعية.
الوقاية والحلول
ويشدد الخبراء على أن الحل الأساسي يكمن في المتابعة الدقيقة والصيانة الدورية لأنظمة التبريد العملاقة وشبكات المياه العامة، مع تعزيز الرقابة الصحية. أما على المستوى الفردي، فيُنصح السكان في المناطق المعرّضة للمرض بمتابعة التحذيرات الصحية، والانتباه لأي أعراض مثل الحمى والسعال وضيق التنفس، وطلب الرعاية الطبية فوراً، حيث يمكن العلاج بالمضادات الحيوية إذا تم التشخيص مبكراً.
وبينما لا تشكل مكيفات الهواء المنزلية الصغيرة خطراً فيما يتعلق بالفيالقة، تبقى المكيفات الضخمة وأبراج التبريد عاملاً رئيسياً في عودة ظهور المرض صيفاً بعد صيف، وهو ما يجعل من الصيانة والرقابة العامة ضرورة ملحة مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة عالمياً.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز