اسعار واسواق

احذر من «غزو أخضر» يهدد بقاء المواقع الأثرية


في مشهد طالما أضفى جمالا على المواقع الأثرية،تحيط النباتات الخضراء بالجدران والأعمدة العتيقة، فتجعلها تبدو وكأنها جزء حي من الطبيعة.

لكن ما يبدو للعين جمالا، قد يخفي وراءه خطرا صامتا يتسلل ببطء ويهدد بقاء هذه الكنوز التاريخية. هذا ما كشفت عنه دراسة علمية حديثة شارك فيها فريق من الباحثين ، ونُشرت بدورية ” بايوماس كُنڤرجن أند بايورفاينري”، حيث سلطت الضوء على الأضرار المتراكمة التي تلحقها النباتات بالآثار، بداية من تشقق الأحجار وسقوط الزخارف، وصولا إلى توفير بيئة مثالية للحشرات والكائنات الدقيقة المدمّرة.

ووسط هذه النتائج المقلقة، برزت مساهمة الدكتورة مايسة منصور، أستاذ الترميم بكلية الآثار جامعة القاهرة والباحثة المشاركة في الدراسة، التي سلطت الضوء على خطورة هذا التدهور النباتي، ليس فقط بسبب الأضرار المباشرة، بل لأنه يتطور في صمت وعلى مدى سنوات، حتى تنهار فجأة مواقع صمدت لقرون. وفي هذا الحوار، تكشف د.مايسة أبعاد هذه الظاهرة، وتوضح سبل مواجهتها، بين الحلول الوقائية والتقنيات البيئية، لتضع أمامنا خريطة طريق تحمي تراثنا من هذا “الغزو الأخضر”.

بداية، يظن البعض أن النباتات تضفي جمالا طبيعيا على المواقع الأثرية، لماذا تعتبرونها خطرا؟

صحيح أن المشهد يبدو للوهلة الأولى ساحرا عندما تحيط النباتات بالمباني الأثرية، لكن الحقيقة أن هذا “الجمال الأخضر” يخفي تهديدا صامتا، إذ تكون سببا في تآكل الحجر، تشقق الجدران، وسقوط الزخارف بمرور الزمن.

ما أنواع التلف الذي يمكن أن تسببه النباتات؟

هناك ثلاثة أنواع رئيسية، وهي ضرر فيزيائي، بسبب أن جذور الأشجار تضغط على الحجارة حتى تتفتت أو تسقط، وضرر كيميائي، لأن بعض النباتات تفرز أحماضا تذيب مكونات الحجر وتضعف بنيته، وأخيرا، ضرر بيولوجي، سببه أن الغطاء النباتي يخلق بيئة رطبة تسمح بتكاثر الحشرات والكائنات الدقيقة التي تسرّع من تدهور الأثر.

باحثة تحذر من "غزو أخضر" يهدد بقاء المواقع الأثرية

هل المشكلة تقتصر على المواقع المصرية؟

لا على الإطلاق. الدراسة شملت مواقع في مصر ودول أخرى مثل الأردن (البتراء)، المغرب، تركيا، إيطاليا، وإسبانيا، وفي بعض الحالات، مثل معبد “كيمان فارس” وسرابيوم في مصر، تسببت الجذور في تشقق الأعمدة وانفصال أجزاء من الجدران.

 ما الذي يجعل جذور بعض النباتات بهذه الخطورة؟

بعض الأشجار مثل التين البري والزيتون تملك جذورا قادرة على التمدد لمسافة تصل إلى 50 مترا، والاختراق إلى أعماق تبلغ 10 أمتار. هذه القدرة تسمح لها بالتسلل إلى أضعف النقاط بين الحجارة أو في مونة الجير، وتوسيعها تدريجيا حتى تسقط الأحجار.

هل النباتات المتسلقة أقل ضررا من الأشجار؟

على العكس، هي بالغة الخطورة، فنباتات مثل اللبلاب أو “عذق العنب البري” تلتصق بالجدران وتغطي النقوش، وتمنع أشعة الشمس من تجفيف الرطوبة، ما يؤدي إلى تراكم مياه، بقع عفنية، وطبقات ملحية مدمرة.

ما خطورة الإهمال في التعامل مع هذه النباتات؟

المشكلة أن التدهور يحدث ببطء وبطريقة تراكمية لا يلاحظها أحد إلا بعد فوات الأوان، فموقع أثري ظل ثابتا لقرون قد ينهار فجأة بسبب جذور نبتة تم تجاهلها لعقد من الزمن.

ما الحلول التي تقترحونها لمواجهة “الغزو الأخضر”؟

أهم شيء هو التدخل الوقائي المبكر عن طريق، إزالة النباتات في مراحل نموها الأولى، سد الشقوق بمونة الجير التقليدية، تقليل الغبار والرطوبة، والحد من المبيدات الكيميائية. كما نوصي باستخدام بدائل طبيعية آمنة مثل المستخلصات النباتية كمبيدات حيوية، أو اللجوء إلى التنظيف اليدوي رغم أنه يتطلب جهدا وصبرا.

باحثة تحذر من "غزو أخضر" يهدد بقاء المواقع الأثرية

ما الرسالة الأخيرة التي توجهونها في ضوء هذه الدراسة؟

حماية تراثنا الأثري من الغزو النباتي لا يمكن أن تتم إلا من خلال تعاون متعدد التخصصات بين علماء الآثار، والبيئة، والنبات، فنحن بحاجة إلى خطة وطنية دائمة لصيانة المواقع الأثرية، تأخذ في الاعتبار هذا الخطر الصامت قبل أن يتحول إلى كوارث يصعب علاجها.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى