اسعار واسواق

طرق تعج بالماشية وتعوي فيها الذئاب.. الوجه الآخر لحياة تشارلز خلف التاج


في ترانسلفانيا، حيث تتقاطع الأساطير مع مروج الزهور البرية، يعيش الملك تشارلز الثالث حياة مغايرة تمامًا لصخب قصر باكنغهام.

فبعيدا عن الأضواء، لا يجد الملك سوى موقد قديم من القرن السابع عشر، وسرير خشبي متواضع، وصورة والدته الراحلة تراقبه من الجدار، وكأنها تذكير بأن الملك يبقى ابنًا مهما ارتدى التاج.

لكن ما يبدو عزلة ليس هروبًا بقدر ما هو انعكاس لرجل يحاول أن يجد ذاته خلف الألقاب والطقوس؛ ففي القرى الرومانية، يجد تشارلز صدى لقناعاته حول الطبيعة والزراعة المستدامة، ويعيد صياغة معنى الملكية من رمزية السلطة إلى ممارسة العيش البسيط. وهكذا، يصبح البيت الريفي في ترانسلفانيا نافذة لفهم ملك يوازن بين ثقل العرش وإغراء العودة إلى الجذور.

وبحسب صحيفة «واشنطن بوست»، إن أماكن إقامة الملك تبدو غير ملكية بشكل مدهش: لا يوجد واي فاي، ولا تلفزيون، لكن هناك موقد حطب يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر، وسرير خشبي، وصورة للملكة إليزابيث الثانية وهي تشاهد من الحائط، لكن عندما تخرج، يصبح الوضع أكثر منطقية.

ولكي نفهم الملك تشارلز الثالث ــ الذي احتفل الأسبوع الماضي بالذكرى الثالثة لاعتلائه العرش، والذي سيلتقي هذا الأسبوع بالرئيس دونالد ترامب ــ علينا أن ننسى قصر باكنغهام.

وبدلاً من ذلك، اتبع طريقًا ترابيًا بطول ثلاثة أميال في رومانيا، عبر مروج الزهور البرية ومنازل مطلية بألوان الباستيل، وصولًا إلى المنزل رقم 1، على أطراف هذه القرية الصغيرة في ترانسلفانيا، حيث استقبل أحد القرويين زواره الجدد بتحذير: رُصدت دبّة صغيرة وشبلها في مكان قريب. لم يكن المقصود من هذا التحذير ردعًا بقدر ما كان اختصارًا ترانسلفانيا لعبارة «ربما عليك تجنّب الركض المسائي».

هذا هو الإيقاع الذي يفضله تشارلز، فعلى مدى ربع قرن، دأب تشارلز على زيارة القرى الرومانية، حيث تعجّ الشوارع بالماشية، ولا تزال العربات التي تجرها الخيول تجوب الطرقات.

وقال الكونت تيبور كالنوكي، أحد أقارب الملك تشارلز البعيدين وصديقه، في مقابلة: «رومانيا هي جزء من حياته»، مضيفًا: يجد هنا الكثير مما كان عليه – لا أريد استخدام كلمة وعظ – لكنه يجد هنا كل قناعاته التي يسعى لنشرها والدفاع عنها. إن استمراره في الحضور لأكثر من 25 عامًا دليل على ذلك».

وكان تشارلز في دائرة الضوء العالمية بشكل متكرر هذا العام – حيث حضر الذكرى الثمانين لمعسكر اعتقال أوشفيتز في بولندا، وزيارة البابا فرانسيس في الفاتيكان، والاجتماع مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في ساندرينجهام، وافتتاح البرلمان في كندا.

لكن إذا كانت هذه اللحظات تُظهر الملك وهو يؤدي واجباته الرسمية المتوقعة على المسرح العالمي، فإن رومانيا تكشف شيئاً ما عن الرجل الذي يقف وراء التاج.

ويحب تشارلز أن يمزح بشأن وجود «مصلحة» في رومانيا – فهو ينحدر من سلالة فلاد المخوزق، الذي ألهم برام ستوكر في روايته «دراكولا». لكن الجذب الحقيقي أعمق من ذلك.

يقول كُتّاب السير إن ريف رومانيا يُوفّر للملك ملاذًا آمنًا ومختبرًا حيًا لاهتماماته القديمة بالأرض والزراعة والتنوع البيولوجي. هنا، تُعدّ الزراعة على نطاق صغير أسلوب حياة، والمناظر الطبيعية غنية بالنباتات والحيوانات المفقودة أو النادرة في شمال أوروبا.

تشارلز في رومانيا

ولا تزال الدببة والذئاب والوشق – التي اختفت منذ زمن طويل من بريطانيا بسبب الصيد وإزالة الغابات وفقدان الموائل – تجوب البلاد. وتشير لوحة معلومات في أحد ممتلكاته إلى وجود 1200 نوع من النباتات الراقية في هذه المنطقة من ترانسلفانيا وحدها. ونقلت لوحة أخرى عن الملك قوله إن هناك «أكثر من 200 نوع من الفراشات في رومانيا مقارنة بـ 40 نوعًا فقط في المملكة المتحدة».

وفي خطاب ألقاه عام 2014 في جامعة بوخارست، قال حذر تشارلز من التحديث، مشيرا إلى أن بريطانيا ارتكبت “خطأ فظيعا” يتمثل في الإضرار بتراثها الريفي وتنوعها البيولوجي.

قال سيبريان ميهاي، البالغ من العمر 34 عامًا، والذي يعمل في قطاع البنوك في بوخارست وكان يزور أحد العقارات، إن معظم الرومانيين ينظرون إلى الملك بحفاوة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنه ليس سياسيًا، ويستحضر ذكريات العائلة المالكة للبلاد، التي أُلغيت في ظل الشيوعية.

ويعتبر أواخر شهر مايو/أيار وأوائل شهر يونيو/حزيران، هو الموسم المعتاد للملك تشارلز هنا، عندما تنتشر الزهور البرية عبر التلال.

تشارلز في رومانيا

ويقيم في دار الضيافة التي يملكها والمكونة من سبع غرف نوم في زالانباتاك، والتي تغلق أبوابها أمام الزوار وتمتلئ بطاقم حراسته.

في أوقات أخرى، تُؤجَّر الغرف بحوالي 200 دولار أمريكي لليلة، مع رسوم إضافية لأنشطة مثل مشاهدة الدببة، أو ركوب عربات الخيول، أو خبز كعكة المدخنة التقليدية.

ويقضي تشارلز ساعاتٍ يتجول في مروج الزهور البرية التي كانت صامتةً في أحد الأيام الأخيرة إلا من صراصير الليل وصوت زقزقة اللقلق.

في رحلته الأخيرة إلى زالانباتاك عام 2023، دعا تشارلز القرية بأكملها – حوالي 100 شخص – إلى نزهة. أحضرت العائلات الخبز والجبن وبراندي البرقوق.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى