اخبار الامارات

المطبخ الصيني يلتقي الشرق الأوسط ‹ جريدة الوطن

 

 

 

 

دبي _ الوطن:

في أجواء تفوح منها رائحة الفلفل الأحمر الحار، يواصل مطبخ هونان الصيني شق طريقه في قلوب الذوّاقة بالشرق الأوسط. ففي مطعم  LIU GUI XIANG CATERING بمدينة دبي العالمية، يشعل الطهاة أفرانهم يومياً، ليقدّموا للزوار أطباقاً كلاسيكية مثل “رأس السمك بالفلفل المفروم” و”لحم البقر المقلي”، حيث تختلط النكهات اللاذعة مع الطعم الطازج لتعيد للأذهان أصالة المطبخ القادم من ضفاف نهر شيانغ على بعد أكثر من سبعة آلاف كيلومتر.

 

جذور عريقة ونكهات أصيلة

مطبخ هونان هو أحد أعرق المطابخ الصينية، تشكّل عبر بيئة طبيعية غنية تجمع بين نهر شيانغ، بحيرة دونغتينغ وجبال وولينغ. هذه الطبيعة المتنوعة أفرزت أسلوباً مميزاً يقوم على “الحار الطازج” وتعدد النكهات. وتعتمد طرق الطهي فيه على القلي السريع والبخار والطهي البطيء، ما يمنح الأطباق ملمساً طرياً وتدرجاً في الطعم. ومن أبرز الأطباق “اللحم البقري المقلي”، الذي يحافظ على عصارة اللحم تحت حرارة عالية، و”رأس السمك بالفلفل المفروم” الذي يلهب الحواس بنكهات الفلفل الأحمر، إضافة إلى “التوفو في الطاجن الجاف” الذي يمتص الصلصات الغنية ليقدّم طعماً لا يُنسى.

 

من الصين إلى العالم

مع ازدياد التبادل المتنامي بين الصين وبقية دول العالم، تجاوز مطبخ هونان حدوده الجغرافية ليصبح مفضلا لدى الذواقة حول العالم. وتشير الإحصاءات إلى وجود نحو ألفي مطعم خارج الصين متخصص به، خاصة في هونغ كونغ وجنوب شرق آسيا وأوروبا وأميركا. علامات بارزة مثل “نُوُغُونغجي”، “بينغ تشو” و”ويه شانغ” تشهد توسعاً متسارعاً في الأسواق العالمية، من سنغافورة إلى أستراليا.

 

دبي.. المحطة الجديدة

اختيار الشرق الأوسط، وتحديداً دبي، لم يكن صدفة. فالإمارات تُعدّ أكثر اقتصادات المنطقة انفتاحاً، وتضم نحو 300 ألف مقيم صيني، إلى جانب آلاف السياح ورجال الأعمال الوافدين بفضل اتفاقية الإعفاء من التأشيرات بين الصين والإمارات. هذه البيئة خلقت طلباً متزايداً على المأكولات الصينية، إذ يقدَّر عدد مطاعمها في الدولة بأكثر من 200، بينها نحو 30 مطعماً متخصّصاً في أطباق هونان.

في هذا السياق، افتتح مطعم “LIU GUI XIANG CATERING” عام 2017 ليكون أول مطعم يقدم النكهة الأصيلة لمطبخ هونان في دبي. ويقول مؤسسه تانغ شا: “نحن نؤمن أن مطبخ هونان يجب أن يقدَّم بأيدٍ من أبنائه، لذلك يتكوّن فريقنا من طهاة من مقاطعة هونان، لنضمن الطعم الأصيل بكل تفاصيله.” وخلال ثماني سنوات، نجح المطعم في ترسيخ مكانته بفضل المذاق الأصيل والجودة العالية والأسعار المقبولة.

 

الثقافة تلتقي على المائدة

في الـ 9 سبتمبر الجاري، سشهدت دبي فعالية 2025″  نكهة هونان•الشرق الأوسط”، والتي ستتضمن عروضاً حيّة للطبخ، ومعارض للمنتجات الغذائية والإبداعات الثقافية، فضلاً عن مساحات للتصوير والتذوّق التفاعلي. هذه الفعالية لن تكون مجرد مهرجان للطعام، بل جسراً ثقافياً يربط بين المذاق الحار لمطبخ هونان وذائقة المستهلك في الشرق الأوسط.

ورغم نجاحه، يواجه مطبخ هونان تحديات أبرزها اختلاف العادات الغذائية. وللتغلب على ذلك، أجرت بعض العلامات التجارية تعديلات على ما يقارب 30% من أطباقها لتلائم الأذواق المحلية، مع التأكيد على الحفاظ على “جذور وروح” المطبخ. وتقول لي دان، المديرة العامة لشركة “شيانغشا رستورانت مانجمنت”: “يمكن أن تتغير الأطباق في تفاصيلها، لكن الجوهر لا يتغير.”

 

ما وراء المذاق

لم يعد المطبخ الصيني مجرد أطباق تُقدَّم على الطاولة، بل بات أداة دبلوماسية ناعمة ورمزاً ثقافياً. ففي الإمارات، تعمل الجالية الصينية على إنشاء “دار هونان” لتكون منصة لنشر الثقافة وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الصين والشرق الأوسط. وهكذا يصبح الطعام نافذة للتبادل الثقافي والاقتصادي على حد سواء.

ختاماً، فإن قصة مطبخ هونان العابر للبحار ليست مجرد رحلة تذوق، بل هي أيضاً قصة تواصل حضاري وصناعي، حيث تلتقي نكهات الصين الحارة مع الذوق العربي الشرقي في دبي، على طريق حرير جديد يعبر من المائدة إلى الثقافة.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى