تريليون دولار تثير الجدل.. لماذا يظل البنتاغون ثريا بزمن السلم؟

عاد جدل الإنفاق العسكري المتزايد في وقت السلم، إلى قمة الجدل السياسي في أمريكا، مع انعقاد الكونغرس بعد العطلة.
ويرى موقع مجلة ريسبونسبول ستيت كرافت أن الجدل حول احتمال إغلاق الحكومة الفيدرالية يخفي خلفه صراعا أكثر حساسية بين مجلسي النواب والشيوخ حول سقف الإنفاق الدفاعي للعام المقبل.
ورغم موافقة مجلس النواب بالفعل على طلب الرئيس دونالد ترامب بتخصيص تريليون دولار لـ”البنتاغون”، يدفع مجلس الشيوخ باتجاه إضافة 22 مليار دولار أخرى.
“السلام عبر القوة”
ويبرر البيت الأبيض وأنصاره في الكونغرس هذه القفزة الضخمة في الإنفاق بشعار “السلام عبر القوة”، وهو الشعار الذي ارتبط بالرئيس الراحل رونالد ريغان خلال الحرب الباردة.
غير أن هذا الشعار يبدو اليوم أقرب إلى ذريعة تمنح “البنتاغون” شيكا مفتوحا، في وقت لم يعد الإنفاق الحالي يقارن حتى بمستويات ريغان التي كانت أقل بكثير رغم خوض سباق تسلح شرس مع الاتحاد السوفياتي.
أبرز رموز الإسراف
أوضح الأمثلة على هذا التناقض يمكن رصده في برامج التسلح الكبرى. ففي ثمانينيات القرن الماضي، دخلت الخدمة حاملة الطائرات “يو إس إس ثيودور روزفلت” قبل الموعد المحدد وبأقل من الميزانية المرصودة.
أما أحدث حاملات الطائرات “جيرالد فورد”، فقد تجاوزت كلفتها المليارات وتأخر تسليمها سنوات طويلة. وحتى بعد احتساب التضخم، تبقى هذه الحاملة أكثر كلفة بكثير من سابقتها.
والقصة نفسها تتكرر مع المقاتلة “إف-35″، وسفن القتال الساحلي، ونظام الصواريخ العابرة للقارات “سنتينيل”، وجميعها مشاريع تأخرت عن الجدول الزمني المقرر، متجاوزة للميزانية، وتزيد تكلفة تشغيلها وصيانتها أكثر مما كان متوقعا.
مبررات لا تصمد أمام الأرقام
ويُرجع مسؤولو “البنتاغون”، هذه الفجوة المالية إلى تعقيد التكنولوجيا الحديثة وارتفاع تكاليف الأفراد.
لكن المقارنة مع القطاع المدني تكشف مفارقة لافتة: فالهواتف الذكية اليوم أقوى آلاف المرات من أنظمة الكمبيوتر التي امتلكها الجيش قبل عقود، ومع ذلك تُباع بأسعار زهيدة نسبياً.
والمنطق البسيط يقول إن التطور التكنولوجي يفترض أن يجعل الأنظمة العسكرية أكثر كفاءة وأقل تكلفة، لا العكس.
أما على صعيد الموارد البشرية، فإن حجم القوات المسلحة اليوم أصغر بكثير مما كان عليه في ثمانينيات القرن الماضي، رغم زيادة الرواتب والامتيازات.
منطقياً، كان يفترض أن يؤدي هذا الانكماش في عدد الأفراد إلى تخفيض النفقات، لكن ما حدث هو العكس تماماً: إنفاق متزايد على قوات أقل عدداً وقدرات قتالية لا تزال محل انتقاد في تقارير التدقيق الحكومية.
مهام أقل.. كلفة أعلى
الحجة الأكثر تداولاً بين أنصار زيادة الميزانية تتمثل في “عودة منافسة القوى العظمى” مع الصين وروسيا، إضافة إلى التوترات في الشرق الأوسط وشبه الجزيرة الكورية.
لكن هذه المبررات تتجاهل أن ميزانية البنتاغون الحالية تفوق حتى موازنات سنوات ذروة حربي العراق وأفغانستان، حين كان نحو 200 ألف جندي أمريكي منتشرين في الميدان.
واليوم، مع تراجع حجم الانتشار العسكري، تصل الفاتورة إلى تريليون دولار وتزداد كل عام.
أسئلة مؤجلة في واشنطن
المعضلة أن النقاش الدائر داخل واشنطن بات محصوراً في سؤال سطحي: هل تضاف 22 مليار دولار إلى الميزانية أم لا؟ بينما الأسئلة الأعمق والأكثر إلحاحاً تبقى خارج الطاولة، وهي:
كيف يمكن لمزيد من الأموال أن يعالج خللاً هيكلياً في نظام المشتريات العسكرية يوصف بالبيروقراطية المفرطة والفساد؟ ولماذا تزداد تكلفة المهام العسكرية المستقبلية رغم أن حجم التهديدات لم يعد يبرر هذا الإنفاق الفلكي؟، وفق المجلة.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز