اتفاق ميركوسور وأوروبا يحمل مكاسب ولا يخلو من المخاطر (حوار)

بعد أكثر من 25 عاماً من المفاوضات المتعثرة، اقتربت المفوضية الأوروبية من تمرير اتفاق التجارة الحرة التاريخي بين الاتحاد الأوروبي وتكتل ميركوسور الذي يضم الأرجنتين، والبرازيل، والأوروغواي، وباراغواي.
ويُعتبر الاتفاق الأكبر والأكثر طموحاً لبروكسل، إذ يلغي الغالبية العظمى من الرسوم الجمركية الصناعية، فاتحاً الباب أمام سوق يضم نحو 270 مليون مستهلك وناتج محلي إجمالي يفوق 2.500 مليار يورو.
“العين الإخبارية” حاورت الدكتور ستيفان آمبيك، أستاذ الاقتصاد بجامعة تولوز الفرنسية والعضو السابق في مجلس الشؤون الاقتصادية للبيئة والتنمية المستدامة، للوقوف على فرص الاتفاق للحصول على تصديق نهائي من البرلمان الأوروبي، وانعكاساته على الاقتصاد في ظل الحروب التجارية الحالية.
وكان عام 2024، قد شهد مبادلات متوازنة بين المنطقتين، حيث بلغت واردات الاتحاد الأوروبي 56 مليار يورو (65.26 مليار دولار)، مقابل صادرات بقيمة 55.2 (64.33 مليار دولار).
لا عدالة ولا منافسة
وصف آمبيك الاتفاق بأنه “اتفاق تجاري من الجيل الجديد، يحمل طموحات اقتصادية معتبرة، لكنه يفتقر إلى آليات حقيقية تضمن العدالة البيئية والمنافسة النزيهة”.
ويرى مؤيدو الاتفاق أنّ تحرير التجارة مع ميركوسور سيسمح بتعزيز موقع أوروبا في ظل المنافسة العالمية الشرسة مع الصين والولايات المتحدة.
لكن آمبيك أشار إلى أن المزارعين الأوروبيين يواجهون قيوداً بيئية وصحية صارمة، بينما يُسمح في البرازيل والأرجنتين باستخدام مبيدات محظورة في أوروبا، إضافة إلى ممارسات مثل استخدام الهرمونات في تربية المواشي. هذا الخلل يخلق – بحسبه – منافسة غير عادلة.
مكاسب واعدة… ولكن بشروط
من المنتظر أن تستفيد الصناعات الأوروبية، وعلى رأسها صناعة السيارات، والأدوية، والنبيذ، والجبن، والمنتجات الفاخرة، من دخول أسواق أمريكا الجنوبية دون الحواجز الجمركية التقليدية، بحسب صحيفة “ليزيكو” الفرنسية.
وتشير تقديرات المفوضية إلى أنّ الاتفاق قد يرفع قيمة الصادرات الأوروبية بمليارات اليوروات سنوياً، ويساهم في خلق مئات آلاف الوظائف على المدى المتوسط.
في المقابل، تخشى فرنسا تحديداً من انعكاسات سلبية على قطاعها الزراعي، الذي يجد نفسه أمام منافسة مباشرة مع منتجات أمريكا الجنوبية الأرخص ثمناً، والمنتَجة في ظل معايير صحية وبيئية أقل صرامة بكثير.
وقال آمبيك إن الاتفاق قد يؤدي إلى تسارع إزالة الغابات في الأمازون، نتيجة زيادة الطلب على اللحوم والصويا، ما يُضعف التوازن البيئي العالمي ويقوض التزامات أوروبا المناخية.
الحاجة إلى شروط مشروطة
يعتبر آمبيك أن بروكسل مطالَبة بربط أي تخفيض جمركي بـ التزامات واضحة من دول ميركوسور في مجال الاستدامة وحماية الغابات، مضيفاً: “من دون هذه الشروط، سيكون الاتفاق بمثابة انتصار قصير الأمد للتجارة، لكنه هزيمة طويلة المدى للبيئة.”
- ميزانية فرنسا تلوح بأخبار سيئة لشركات الدفاع المحلية
وبينما تدعم ألمانيا وإسبانيا الاتفاق بحجة تعزيز التصدير والصناعات الأوروبية، تبدي فرنسا، عبر الرئيس إيمانويل ماكرون، تحفظات شديدة. فالإليزيه أكد أن “الاتفاق بصيغته الحالية غير مقبول”، مطالباً بضمانات ملموسة لحماية المزارعين والبيئة.
ووفقاً للخبير الاقتصادي الفرنسي فإن بروكسل تحاول إدخال “آلية وقائية” لحماية القطاعات الأكثر هشاشة، كوسيلة لتهدئة المعارضة الفرنسية.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز