اسعار واسواق

«جزيرة رانجل».. ورقة موسكو لفرض نفوذها في القطب الشمالي


منذ قمة ألاسكا بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، تتجه الأنظار نجو القطب الشمالي الذي بات ساحة جديدة للصراع.

لأكثر من 100 عام، تفرض روسيا وجودها في جزيرة رانجل بالقطب الشمالي الي تدعي الولايات المتحدة ملكيتها والآن قامت موسكو بتحصين الجزيرة بقاعدة عسكرية.

وتعد جزيرة رانجل، القطبية النائية والواقعة في بحر تشوكشي، واحدة من أصفى المحميات الطبيعية في العالم وفي 2004 تم إدراجها على قائمة منظمة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي.

وتبلغ مساحة الجزيرة 2,934 ميل مربع، وتحتضن تنوعًا بيولوجيًا فريدًا، بما في ذلك الدببة القطبية، وثيران المسك، وبقايا الماموث القديمة لكن تحت واجهتها الجليدية يكمن موقع عسكري مثير للجدل وهو منشأة “أوشاكوفسكوي” الروسية.

لكن هذه القاعدة العسكرية المزوّدة برادار “سوبكا-2” المتطور وبنى تحتية داعمة، لا تنتهك فقط الوضع المحمي للجزيرة، بل تشغل أيضًا أرضًا تعتبرها الولايات المتحدة تابعة لها وتقول إن روسيا استولت عليها بشكل غير قانوني وذلك وفقا لما ذكره موقع “ناشيونال إنترست” الأمريكي.

وقال الموقع إنه مع تصاعد عسكرة روسيا للقطب الشمالي، تُشكّل قاعدة أوشاكوفسكوي تهديدات بيئية وجيوسياسية خطيرة، على بعد 300 ميل فقط غرب ألاسكا.

ويعود النزاع حول سيادة الجزيرة إلى القرن الـ19 حيث اكتشفها الضابط البحري الروسي فرديناند فون رانجل عام 1823، ولم تشهد أي استيطان دائم حتى ظهرت مصالح أمريكية لاحقًا.

قانون جزر غوانو

وفي عام 1881، أعلنت الولايات المتحدة رسميًا ملكيتها للجزيرة بموجب “قانون جزر غوانو”، باعتبارها أرضًا أمريكية بسبب موقعها الاستراتيجي في القطب الشمالي ومواردها المحتملة وعززت الرحلات الأمريكية هذا الادعاء، بما في ذلك بعثة فلهالمور ستيفانسون عام 1921، التي أنشأت حكومة مؤقتة ورفعت العلم الأمريكي.

أما روسيا فقدمت مطالباتها لاحقًا ففي عام 1916، أصدر القيصر نيكولاس الثاني إعلانًا إمبراطوريًا بالسيادة على الجزيرة، لكن الثورة الروسية والحرب الأهلية شغلت الكرملين لنحو 10 سنوات لكن القوات السوفياتية استولت على الجزيرة عام 1924 وطردت المستوطنين الأمريكيين والبريطانيين.

ورغم احتجاجات متفرقة من واشنطن، احتفظت روسيا بالجزيرة، وبنت تدريجيًا مرافق مثل قاعدة “أوشاكوفسكوي” بهدف تعزيز سيطرتها.

ويرى خبراء القانون أن المطالبة الأمريكية لا تزال قائمة، وأن وزارة الخارجية الأمريكية امتنعت عن متابعتها في عهد إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن.

والأهم أن الموقع الاستراتيجي للجزيرة، على بعد 300 ميل فقط من حدود ألاسكا، يعني أن واشنطن لا ينبغي أن تتخلى بسهولة عن حقها في جزيرة رانجل التي تقع في منطقة غنية بالنفط والغاز غير المستغل، كما أنها موجودة في قلب مسار شحن رئيسي.

الدرع القطبي

وأطلقت روسيا على المنشأة العسكرية “أوشاكوفسكوي” على اسم المستكشف غيورغي أوشاكوف، وهي تمثل رأس الحربة في التوسع العسكري الروسي في القطب الشمالي.

أُنشئت القاعدة في العقد الثاني من القرن الـ21 ضمن مبادرة “الدرع القطبي”، وتضم مدرجًا للطائرات، وثكنات، ومستودعات وقود، ومراكز اتصالات.

وقلب القاعدة هو رادار “سوبكا-2″، وهو نظام مراقبة جوية متطور بُني عام 2016 ومدعوم برادارات ثانوية للتعرف على الطائرات ووُضع الرادار داخل قبة واقية تتحمل درجات حرارة تصل إلى 40 تحت الصفر ورياح بسرعة 89 ميلًا/ساعة.

وفي مناورات عام 2021، اختبرت روسيا قدرات الرادار لتؤكد دوره في السيطرة على الأجواء.

كما تضم القاعدة منشآت لوجستية لدعم ما يصل إلى 100 فرد، مما يعزز قدرة روسيا على بسط قوتها في شرق القطب الشمالي.

ويتناقض هذا التطور مع وضع الجزيرة قبل عام 2014، حين لم تكن تضم سوى محطة أرصاد صغيرة ورعاة غزلان لكن صور الأقمار الصناعية أظهرت لاحقًا مدارج موسعة ومخازن، ما حوّل المحمية الطبيعية إلى موقع محصن.

وبفضل موقعها قرب مضيق بيرينغ، يمنح رادار “سوبكا-2” روسيا معلومات استخباراتية لحظية عن تحركات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) في الممرات الأساسية المؤدية إلى ألاسكا وهو ما يتيح إنذارًا مبكرًا لأنظمة الدفاع الصاروخي وإمكانية التشويش على إشارات (جي بي إس) مما يزيد من مخاطر التصعيد.

وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن الوجود الروسي في الجزيرة يشكل تهديدًا للأمن القومي، فضلًا عن خسارة الفرص الاقتصادية والهيبة الدولية كما يمكن أن يُسهّل هذا الوجود حربًا هجينة تشمل هجمات سيبرانية أو توغلات، في منطقة حيوية للتجارة المستقبلية عبر “طريق البحر الشمالي”.

ويحذر خبراء من أن سوء التقدير قد يؤدي إلى صراع، خصوصًا مع تزايد تركيز الناتو على القطب الشمالي كما أن الطبيعة المزدوجة للمنشأة التي تجمع بين أهداف مدنية وعسكرية تزيد من تعقيد الوضع.

ومع ذوبان جليد القطب الشمالي، يجب على الولايات المتحدة إحياء مطالبتها بالجزيرة على الأقل لاستخدامها كورقة ضغط دبلوماسية في التعامل مع موسكو، وفق ناشيونال إنترست”.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى