اسعار واسواق

تونس في أزمة دواء.. نقص يهدد الحياة ويكشف أزمة تمويل خانقة (حوار)


أكد خبير تونسي، أن بلاده تشهد أزمة دواء خانقة طالت أدوية الأمراض المزمنة والسرطان، نتيجة تراكم ديون الصيدلية المركزية وعجزها عن تسديد مستحقات الموردين العالميين، مما تسبب في اضطراب الإمدادات ونقص حاد بالأسواق.

وتعيش تونس أزمة حادة تتمثل في نقص واختفاء العديد من أصناف الأدوية، خاصة تلك المتعلقة بعلاج الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسرطان والسكري. وقد أقرت وزارة الصحة بوجود هذه الأزمة، معلنة عن اتخاذ سلسلة من الإجراءات الهادفة إلى ترشيد صرف الوصفات الطبية، وذلك عقب تسجيل وفاة شابين نتيجة عدم توفر الأدوية اللازمة لعلاجهما.

وأكد الخبير في الشأن الصحي صلاح الونيسي، في تصريحات لـ”العين الإخبارية” أن الأزمة سببها عجز الصناديق الاجتماعية والمؤسسات العمومية عن سداد ديونها، ما أدى إلى أزمة سيولة خانقة، جعلت الصيدلية المركزية غير قادرة على استيراد الأدوية أو ضمان توفيرها للمستشفيات.”

وأوضح الونيسي أن الحل يكمن في دعم الصناعة الدوائية الوطنية، إذ تنتج تونس آلاف الأدوية الجنيسة وعشرات البدائل الحيوية، وهو ما قد يخفف الضغط على السوق ويحد من الاعتماد على الاستيراد.

وفي بيان رسمي، دعت الوزارة الأطباء والصيادلة إلى الاعتماد على البيانات الوطنية عند وصف الأدوية، والعمل على ترشيد صرفها، مع تكثيف جهود التوعية لدى المواطنين بأهمية الاستخدام الرشيد لهذه الأدوية.

وجاء الإعلان عن هذه الإجراءات عقب جلسة عمل خُصّصت لوضع خطة وطنية لمواجهة الأزمة، حيث تم الاتفاق على إنشاء منصة للإنذار المبكر داخل الصيدلية المركزية للتبليغ عن أي خطر نفاد للأدوية، وإطلاق حملة وطنية للتوعية بضرورة استخدام الأدوية الجنيسة لتخفيف الضغط على الأدوية الأساسية، مع إلزام المصنّعين بالتصريح المنتظم بمخزوناتهم لتجنب الانقطاعات المفاجئة، فضلًا عن تعزيز التنسيق مع المخابر عند رصد أي اضطراب في الإنتاج.

كما تم التأكيد على أهمية اللجوء إلى الأدوية المكافئة باعتبارها نسخة مكافئة للدواء الأصلي الذي يحمل علامة تجارية مسجلة، ويتم إنتاجها بعد انتهاء فترة براءة اختراع الدواء، إذ تماثل الأدوية المكافئة نظيراتها الأصلية في التركيبة والجرعة والفعالية والشكل الصيدلاني، لكنها تطرح في الأسواق بأسعار أقل.

وقد شهدت تونس مؤخرًا موجة من الغضب الشعبي عقب وفاة شابين من مرضى السرطان، كان أحدهما، وهو أسامة الحرباوي، قد كتب في تدوينة على منصات التواصل الاجتماعي قبل وفاته أنه لم يتلقَّ العلاج الكيميائي لمدة شهرين، في انتظار موافقة صندوق التأمين على المرض على التكفل بمصاريف علاجه وتوفير الدواء، لكن طلبه قوبل بالرفض.

أما الشاب الثاني، حسين عبودي، فقد نشر مقطع فيديو قبل وفاته ناشد فيه السلطات توفير الأدوية لمرضى السرطان، ما أثار جدلًا واسعًا حول حجم الأزمة وخطورتها.

وفي تفسيره للأزمة، أكد الخبير في الشأن الصحي صلاح الونيسي أن نقص الأدوية في تونس يعود بالأساس إلى مشاكل مالية تعانيها الصيدلية المركزية، أثرت على قدرتها على سداد مستحقاتها واستيراد الأدوية الأساسية.

وأوضح أن الأزمة تسببت في اختفاء مئات الأصناف من الأدوية بما في ذلك أدوية الأمراض المزمنة والسرطان، مرجعا ذلك إلى تراكم ديون الصيدلية المركزية وعجزها عن تسديد التزاماتها للشركات العالمية، وهو ما أدى إلى اضطراب إمدادات السوق المحلية.

وأضاف أن الصيدلية المركزية تواجه أزمة سيولة خانقة ناجمة عن عجز الصناديق الاجتماعية والمؤسسات العمومية عن سداد ديونها المتراكمة، ما جعلها عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه الموردين الدوليين وشراء الأدوية الضرورية.

ودعا الونيسي إلى ضرورة دعم الصناعة الدوائية الوطنية، مشيرا إلى أن تونس تنتج حاليًا أكثر من 3160 دواء مكافئا إلى جانب 46 دواء من البدائل الحيوية.

وتكشف الإحصاءات حجم الأزمة المالية التي تمر بها الصيدلية المركزية، إذ تبلغ ديونها لدى الصناديق الاجتماعية والمؤسسات الصحية نحو 1.2 مليار دينار تونسي أي ما يعادل 390 مليون دولار، بينما تصل ديون المستشفيات الحكومية إلى 741 مليون دينار، أي ما يعادل 241.3 مليون دولار.

أما ديون صندوق التأمين على المرض فقد ارتفعت لتتجاوز خمسة مليارات دينار أي ما يعادل 1.62 مليار دولار، ما يعكس عمق الأزمة التي تهدد استقرار المنظومة الصحية في البلاد وتضع حياة آلاف المرضى في مهب الخطر.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى