مستقبل تفاعل العلامات التجارية ‹ جريدة الوطن

فيكتور غريازنوف، مدير قسم تحقيق الدخل من خدمات نقل الركاب، إعلانات يانغو Yango Ads: في العصر الرقمي، أصبح جذب انتباه المستهلكين أكثر صعوبة وأهمية من أي وقت مضى. لقد ولّت أيام الاعتماد الكامل على الإعلانات التلفزيونية والإذاعية والإعلانات المطبوعة في الصحف والمجلات؛ بل ولّت أيام الموجة الأحدث من الإعلانات الرقمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والبودكاست وقناة يوتيوب وغيرها من منصات البث، والتي سعت إلى تعزيز الوعي بالعلامة التجارية وزيادة المبيعات. اليوم، أصبحت حتى هذه القنوات مجزأة ومشبعة، مما يزيد من صعوبة جذب اهتمام المستهلكين وتحقيق أقصى تأثير.
مع انتشار تكنولوجيا ومنصات الإعلان، توفرت لدى العلامات التجارية وسيلة جديدة وقوية للتأثير على قرارات الشراء، مما يمكّنها من التفاعل مع المستهلكين وتحويلهم ضمن المنصة نفسها، وهو توجه يُعيد تشكيل كيفية تعامل المسوقين مع استراتيجياتهم.
بفضل الانتشار الواسع للهواتف المحمولة في الشرق الأوسط، وبفضل الفئة السكانية الشابة التي تضع الرقمنة ضمن أولوياتها، أضف إلى ذلك ازدهار مشهد التجارة الإلكترونية، أصبحت تكنولوجيا الإعلان ضرورةً للعلامات التجارية العاملة في المنطقة، حيث من المتوقع أن ينمو الإنفاق الإعلاني في الشرق الأوسط بنسبة ست نقاط مئوية هذا العام.
ولكن، برزت اتجاهات وآفاق أخرى في خضمّ اشتداد المنافسة داخل المنصات التقليدية: تطبيقات نقل الركاب وتوصيل الطعام. لم تعد هذه المنصات مجرد خدمات، بل أصبحت قنوات إعلامية بنسبة تحويل عالية توفر للشركات طرقاً فريدة للوصول إلى المستهلكين في أفضل الأوقات.
معدل استخدام مرتفع وجمهور واسع
تجذب تطبيقات نقل الركاب وتوصيل الطعام ملايين المستخدمين الذين يتفاعلون مع منصات التطبيقات يومياً. يتميز هؤلاء المستهلكون باستعداد ونية للشراء، وهم ذوو خبرة رقمية واسعة وقد اعتادوا على تجربة سلسة تعتمد على التطبيقات. تجذب هذه المنصات قاعدة من المستخدمين المتفاعلين من سكان المدن، وهي شريحة رئيسية للعديد من العلامات التجارية.
والأهم من ذلك، تتمتع هذه المنصات بعلاقات مباشرة مع مستخدميها، مما يتيح للعلامات التجارية الاستهداف الدقيق، ويفتح المجال للرسائل المخصصة مع نتائج قابلة للقياس، وهي ميزة مهمة في ظل استمرار انخفاض موثوقية ملفات تعريف الارتباط التابعة للجهات الخارجية. تستفيد العلامات التجارية من هذه المنظومة للتواصل مع المستخدمين ذوي الإنفاق المرتفع ممن اعتادوا إجراء المعاملات في إطار التطبيق نفسه. على سبيل المثال، يمكن للمطاعم استخدام منصات توصيل الطعام لمشاركة العروض والحملات الترويجية مباشرةً مع عملائها الدائمين.
آليات التفاعل المتكاملة
تتجاوز هذه التطبيقات مجرد نشر الإعلانات، فهي توفر فرص تفاعل تتكامل بسلاسة مع تجربة المستخدم. من رعاية مختلف الفئات لخدمات نقل الركاب إلى الترويج لعروض مستهدفة بناءً على الوجهات أو تاريخ الشراء، تظل إمكانيات التفاعل السياقي هائلة.
على سبيل المثال، يربط تطبيق يانغو سوبر آب ملايين المستخدمين المسجلين حول العالم من خلال خدماته العالمية لنفل الركاب وتوصيل الطعام. من خلال إطلاق الإعلانات بعناية لتتكامل مع التجربة، يمكن للعلامات التجارية الوصول إلى هذه الجماهير الراغبة في الشراء في اللحظات المواتية، سواءً أثناء الرحلة، أو خلال تجربة طلب الطعام، أو عند استكشاف الخدمات المحلية.
علاوة على ذلك، تمتد هذه الفرص إلى ما هو أبعد من العلامات التجارية التقليدية. تُدرك جميع الخدمات المالية، وشركات الاتصالات، ومنصات الترفيه قيمة الوصول إلى المستهلكين خلال لحظات الشراء المحتملة. على سبيل المثال، عند قيام بنك ما بالترويج لبطاقة استرداد نقدي أثناء تجربة التنقل، أو إعلان خدمة بث لمسلسل جديد أثناء تجربة طلب الطعام، تتمكن هذه التطبيقات من تقديم رسائل آنية و ذات صلة.
فعالية أعلى مع القضاء على ظاهرة تجاهل اللافتات الإعلانية
على عكس منصات التواصل الاجتماعي أو الإعلانات المصوّرة، حيث يُقلّل إرهاق الإعلانات و”تجاهل اللافتات الإعلانية” من فعاليتها، تعمل تطبيقات نقل الركاب و توصيل الطعام في بيئة إعلانية محدودة وفعّالة. يمتلك مستخدمو هذه المنصات عقلية فريدة تُركّز على الراحة والسرعة، وفي كثير من الأحيان، يقومون بالشراء دون تخطيط مسبق.
يُعدّ هذا الأمر بالغ الأهمية لفئات الأطعمة والمشروبات والمنتجات التي تشهد تفاعلاً منخفضاً، حيث يُمكن للإعلانات المعروضة في الوقت المناسب وفي أماكن مناسبة تحفيز المستهلك على اتخاذ إجراء و قرار فوري. تُظهر بيانات القطاع أن وضع الإعلانات المُدمجة داخل هذه التطبيقات يُحقّق نسب نقر تتراوح بين 6% و 8% في بعض الأسواق، مُتجاوزةً بذلك نسبة النقر إلى الظهور المُعتادة للإعلانات الرقمية القياسية والتي تتراوح بين 0.3% و 0.5%.
مع لافتة أو اثنتين فقط لكل زيارة للتطبيق، وتنسيقات إعلانات مُدمجة ذات صلة وثيقة بالسياق، تحظى العلامات التجارية برؤية أكبر وتفاعل أقوى، بدلاً من اعتبار الإعلانات مُجرّد مُشكلة خارجية. والأهم من ذلك، تستفيد هذه الإعلانات من التحليلات داخل التطبيق وتحسين الحملات في الوقت الفعلي، مما يضمن أقصى عائد على الاستثمار.
حركة مرور حقيقية وثقة بالمنصة بنسبة 100%
الثقة حجر الزاوية في الإعلانات الفعّالة. فعلى عكس الإنترنت المفتوح، حيث تؤثر عمليات الاحتيال بالنقر والمقاييس غير الموثوقة والبوتات الضارة على النتائج وتشوّهها، تعمل تطبيقات نقل الركاب والتوصيل ضمن أنظمة لتسجيل دخول المستخدمين الحقيقيين فقط.
تمنح ميزة بيانات الطرف الأول المعلنين الثقة بجودة حملاتهم ومصداقيتها. علاوة على ذلك، تُعزز الشراكات مع منصات راسخة وموثوقة مصداقية العلامة التجارية. بالنسبة للمسوقين المسؤولين المهتمين بالوصول إلى المستهلكين، توفر هذه المنصات مزيجاً نادراً من الانتشار ودقة استهداف جمهور قد تم التحقق منه.
ومع تشديد قوانين الخصوصية عالمياً، بما في ذلك في الشرق الأوسط، لا يُمكن المبالغة في أهمية بيانات الطرف الأول. تتمتع الإعلانات داخل التطبيقات بمكانة فريدة تُمكّنها من الازدهار في هذه البيئة، حيث تُتيح للمعلنين الوصول إلى جماهير متفاعلة للغاية مع مراعاة معايير الخصوصية الآن وفي المستقبل.
وبالنظر للمستقبل
تطورت تطبيقات نقل الركاب وتوصيل الطعام بسرعة لتصبح عنصراً أساسياً في المشهد الإعلاني الحديث. بفضل قدرتها على الجمع بين إمكانية الوصول إلى فئة واسعة من المستهلكين الموسرين، والتفاعل السياقي، و النتائج القابلة للقياس، أصبحت هذه التطبيقات الخيار الأمثل لتحقيق الأداء وتسويق العلامات التجارية. حققت منصة أمريكية رائدة لنقل الركاب نمواً في إيراداتها الإعلانية بنسبة 400% على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2023 من خلال الإعلانات داخل التطبيق، مما يؤكد سرعة تحول هذه الخدمات إلى أنظمة إعلانية قوية.
في الشرق الأوسط، حيث يُعدّ التركيز على الأجهزة المحمولة هو القاعدة، وحيث تتزايد توقعات المستهلكين لتجارب رقمية سلسلة، يُعدّ اعتماد استراتيجيات إعلانية متكاملة وشاملة أمراً بالغ الأهمية. تخاطر العلامات التجارية التي تواصل الفصل بين بناء وتنمية هويتها والتسويق القائم على الأداء بالمساومة على نموها وفقدان كفاءتها. تنتقل تجربة المستهلك اليوم من الاكتشاف إلى الشراء في دقائق، وغالباً ما يتم ذلك من خلال تطبيق واحد. ستشكل المنصات التي تُمكّن من التفاعل السلس والموثوق والفعال مستقبل الإعلان.