حرب وشيكة بين إسرائيل وإيران ستكون أكثر دموية

تتصاعد مؤشرات اندلاع جولة جديدة من الصراع بين إسرائيل وإيران، وسط استعدادات مكثفة من جانب طهران لمواجهة «قد تكون الأعنف والأكثر دموية»، وفق مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية.
وخلال حرب الـ 12 يوما التي اندلعت في يونيو/حزيران الماضي، انتهجت إيران استراتيجية طويلة المدى رتّبت خلالها وتيرة هجماتها الصاروخية تحسبًا لصراع طويل الأمد لكن إذا اندلعت جولة جديدة “فمن المرجح أن تهاجم إيران بحزم”.
وبالتالي ستكون الحرب القادمة “أكثر دموية”، وفق الصحيفة، التي أشارت إلى أنه “إذا رضخ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجددا للضغوط الإسرائيلية وانضم إلى القتال، فقد تواجه الولايات المتحدة حربًا شاملة مع إيران”.
ولم تكن حرب إسرائيل في يونيو/حزيران تدور حول البرنامج النووي الإيراني فقط، بل كانت تهدف إلى تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط حيث كانت القدرات النووية الإيرانية عاملاً مهمًا لكنه غير حاسم.
فعلى مدار أكثر من عقدين، “ضغطت إسرائيل على الولايات المتحدة لاتخاذ إجراء عسكري ضد إيران لإضعافها وإعادة التوازن الإقليمي لصالحها وهو ما لا تستطيع تحقيقه بمفردها”، بحسب فورين بوليسي.
هذا الأمر يعني أن “ضربات إسرائيل كان لها 3 أهداف رئيسية تتجاوز إضعاف البنية التحتية النووية الإيرانية وهي جذب الولايات المتحدة إلى صراع عسكري مباشر مع إيران والإطاحة بالنظام الإيراني وتحويل إيران إلى سوريا أو لبنان جديدة أي دولة يمكن لإسرائيل قصفها دون الحاجة إلى تدخل أمريكي”، بحسب الصحيفة.
لكن حرب يونيو/حزيران انتهت بتحقيق هدف واحد فقط كما أن ترامب لم “يدمر” البرنامج النووي الإيراني، ولم يتم إرجاعه إلى نقطة يمكن اعتبار المسألة منتهية عندها.
بعبارة أخرى، حققت إسرائيل في الحرب الأخيرة نصرًا جزئيًا على النقيض من النتيجة التي كانت تفضلها وهي انخراط ترامب بالكامل، ليستهدف القوات التقليدية الإيرانية والبنية التحتية الاقتصادية لكن ترامب يخشى الحرب الشاملة رغم ميله إلى التحرك العسكري السريع والحاسم لذا كان الهدف من استراتيجيته لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية هو الحد من التصعيد وليس توسيعه.
وأكدت فورين بوليسي أن رفض ترامب التصعيد كان سببًا رئيسيًا في موافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار خاصة بعدما تكبدت خسائر فلو كانت الولايات المتحدة قد انخرطت بالكامل في الحرب لواصلت إسرائيل الحرب لكن المعادلة تغيرت عندما اتضح أن ضربات ترامب كانت لمرة واحدة بمعنى آخر ربما نجحت إسرائيل في جر الولايات المتحدة إلى الحرب، لكنها فشلت في إبقائها فيها.
وفيما يتعلق بالهدفين الآخرين فلم تنجح تحركات إسرائيل فيهما، فبالرغم من النجاحات الاستخباراتية المبكرة مثل قتل 30 قائدًا كبيرًا و19 عالمًا نوويًا إلا أن إيران استعادة السيطرة حيث عينت قادة جدد في غضون 18 ساعة، وأطلقت وابلًا صاروخيًا كثيفًا، مما أثبت قدرتها على امتصاص الخسائر ومواصلة القتال.
لقد كانت إسرائيل تأمل في أن تؤدي ضرباتها الأولى إلى إثارة الذعر داخل النظام الإيراني وتسريع انهياره وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن عملاء الموساد المتحدثين بالفارسية اتصلوا بمسؤولين إيرانيين كبار، وهددوا بقتلهم وقتل عائلاتهم ما لم يصوروا مقاطع فيديو تدين النظام وتعلن انشقاقهم علنًا.
وأُجريت أكثر من 20 مكالمة من هذا النوع في الساعات الأولى من الحرب، عندما كان النظام في حالة صدمة لكن لا يوجد دليل على أن أي جنرال إيراني استسلم لهذه التهديدات.
وفي حين سيطرت إسرائيل على المجال الجوي الإيراني خلال الحرب، ألحق رد طهران لصاروخي أضرارًا جسيمة بإسرائيل فلولا المساعدة الأمريكية الكبيرة بما في ذلك استخدام 25% من صواريخ ثاد الاعتراضية الأمريكية في 12 يومًا فقط، ربما لم تتمكن إسرائيل من مواصلة الحرب.
هذه الأمور تجعل شن إسرائيل لهجوم جديد أمرًا مرجحًا وهو ما أشار إليه وزير الدفاع إسرائيل كاتس ورئيس الأركان إيال زامير الذي قال إن حرب يونيو/حزيران كانت مجرد مرحلة أولى مضيفًا أن إسرائيل “تدخل الآن فصلًا جديدًا” من الصراع.
وبغض النظر عما إذا كانت إيران ستستأنف تخصيب اليورانيوم أم لا، فإن إسرائيل عازمة على حرمانها من الوقت لتجديد ترسانتها الصاروخية، أو استعادة دفاعاتها الجوية، أو نشر أنظمة مُحسّنة وبالتالي فإن إسرائيل لديها الحافز لشن هجوم عاجل خاصة وأن الحسابات السياسية المتعلقة بحرب جديدة ستصبح أكثر تعقيدًا بكثير مع دخول الولايات المتحدة موسم انتخابات التجديد النصفي العام المقبل.
ومع ذلك فمن المرجح أن تضرب إيران بقوة وسرعة في بداية الحرب القادمة وهو ما أكده وزير خارجيتها عباس عراقجي الذي كتب على منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي “إذا تكرر العدوان، فلن نتردد في الردّ بطريقة أكثر حسمًا”.
ويعتقد القادة الإيرانيون أن التكلفة التي ستتكبدها إسرائيل لا بد أن تكون باهظة، وإلا فإنها ستُقوّض تدريجيًا قدرات إيران الصاروخية وتترك البلاد بلا دفاع وبينما انتهت حرب يونيو/حيران بشكل غير حاسم، فإن نتيجة الحرب القادمة ستتوقف على أي جانب تعلم أكثر وتحرك بشكل أسرع.
وبالنسبة لترامب فإنه يبدو غير متحمس للانخراط في صراع طويل الأمد خاصة بعدما أشعل قصفه لإيران حربا بين أنصاره في تيار “ماغا” أو “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” كما كشفت الحرب عن ثغرات حرجة في مخزون الصواريخ الأمريكي.
وإذا كان خيار الانخراط المحدود لم يعد متاحًا فسيتعين على ترامب إما الانضمام الكامل إلى الحرب أو البقاء خارجها ويتطلب الخيار الأخير مقاومة مستمرة للضغط الإسرائيلي.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز