اسعار واسواق

التدخل البري ليس الخيار الأول للنصر.. درس أمريكي من حرب إيران


لطالما دار الجدل في الدوائر العسكرية الأمريكية حول ما إذا كانت القوة الجوية قادرة على تحقيق أهداف استراتيجية حاسمة دون دعم بري واسع، أم أنها مجرد أداة تمهيدية لحسم الصراع على الأرض.

لكن في يونيو/حزيران الماضي، وفّرت الضربات الإسرائيلية ضد إيران، ضمن عملية «الأسد الصاعد»، مثالًا عمليًا عزز طرحًا قديمًا لدى بعض الاستراتيجيين في واشنطن: النصر قد يُصنع من السماء قبل أن تُخاض معارك الأرض، وفق تحليل لـ«فورين أفيرز». 

  • رسالة إيرانية «سرية» لواشنطن عبر بغداد.. ومصدر عراقي لـ«العين الإخبارية» يكشف فحواها
  • «بيوت آمنة».. إيران تُحصّن «عقولها النووية» بمواقع سرية

وكان المحللون أشاروا إلى انتشار الطائرات المسيّرة الصغيرة والرخيصة كدليل على أن مفهوم التفوق الجوي التقليدي بات يواجه تحديات متزايدة، وأن الاكتفاء بـ«حرمان العدو من حرية العمل في الجو» قد يكون بديلاً كافياً، كما حذر آخرون من ما يُعرف بـ«فخ القنابل الذكية»، أي الاعتماد المفرط على الضربات الدقيقة لتحقيق أهداف سياسية.

وفي إطار عملية «الأسد الصاعد» ضد إيران، نُفذت خلال 12 يوماً نحو 1500 طلعة قتالية، وأكثر من 600 عملية تزوّد بالوقود جواً، مع استهداف أكثر من 900 موقع، شملت منشآت نووية محصنة وبطاريات دفاع جوي ومراكز قيادة.

وأسفرت العملية عن إحداث أضرار في البنية العسكرية الإيرانية، وتأخير بعض الأنشطة الحساسة، من دون الدخول في مواجهة برية.

استلهام تكتيكات «عاصفة الصحراء»

واعتمدت الخطة الجوية على مبادئ برزت منذ حرب الخليج 1991: السيطرة على الأجواء، استهداف مراكز الثقل، استخدام قدرات التخفي والدقة، والتركيز على الأثر الاستراتيجي.

مقاتلات إف 35 الشبحية كانت في الطليعة لتعطيل الدفاعات الجوية، فيما وفّرت مقاتلات إ-15 وإف-16 الدعم النيراني الدقيق، بمساعدة الطائرات المسيّرة في الاستطلاع والتشويش وتنفيذ ضربات إضافية.

هذا التكامل مهّد لتنسيق عملية أمريكية موازية استهدفت مواقع نووية محصنة باستخدام قنابل خارقة للتحصينات.

أهداف محدودة ونتائج محسوبة

لم يكن الهدف إنهاء البرنامج النووي الإيراني بالكامل، بل إبطاء وتيرة تقدمه وتقليص قدراته، مع إبقاء خيار الضربات اللاحقة مفتوحاً.

مثل هذه الأهداف، وبهذه المسافة والمدة الزمنية القصيرة، يصعب تحقيقها عبر عمليات برية كانت ستتطلب وقتاً وتكاليف أكبر.

عملية متعددة المجالات

  • لم تقتصر الحملة على الضربات الجوية، بل شملت:
  • هجمات سيبرانية لتعطيل أنظمة القيادة والسيطرة.
  • أقمار صناعية وطائرات استطلاع لتوفير بيانات آنية.
  • عمليات حرب إلكترونية لإرباك الرادارات.
  • مهام خاصة لتحديد الأهداف بدقة.
  • تحركات ميدانية سابقة في ساحات أخرى أضعفت النفوذ الإقليمي الإيراني.

تقنيات الجيل الخامس ودروس أمريكية

وأثبتت مقاتلات الجيل الخامس مثل «إف-35» قدرتها على العمل كمراكز قيادة جوية متنقلة، تجمع وتشارك البيانات في بيئات معادية.

ومع تطور الدفاعات الجوية، تبقى القدرة على تحقيق تفوق جوي أداة مهمة لفرض إرادة سياسية وعسكرية، وهو ما يفتح الباب أمام مراجعة العقيدة الأمريكية في الاعتماد على القوة الجوية لتجنب التدخلات البرية المكلفة.

ووفق «فورين أفيرز» فإن تلك العملية تُظهر أن الحسم لا يقتضي دائماً الدخول في مواجهات برية، وأن العمليات الجوية، حين تُدار ضمن خطة شاملة متعددة المجالات، يمكن أن تحقق أهدافاً استراتيجية مهمة. وهذا درس يمكن أن تستفيد منه الولايات المتحدة في صياغة استراتيجياتها المستقبلية، مع إبقاء خيارات التدخل البري كملاذ أخير، لا كخيار أول.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى