أندريه يرماك.. قضية الفساد تزيد الخناق على كبير مساعدي زيلينسكي

منذ دخول فولوديمير زيلينسكي إلى عالم السياسة وصولا إلى الرئاسة الأوكرانية، كان أندريه يرماك مساعده الأهم لكنه تحول مؤخرا إلى عبء.
وسط فضيحة الفساد الأخيرة التي هزت أوكرانيا وتنذر بالتحول إلى أكبر أزمة سياسية منذ الحرب، يواجه زيلينسكي ضغوطًا شديدة لإقالة كبير مساعديه.
وتشكل هذه الضغوط مشكلة لزيلنسكي خاصة وأنها تأتي جزئيًا من داخل صفوف حزبه “خادم الشعب” وذلك وفقا لما ذكرته مجلة “بوليتيكو” الأمريكية التي رجحت أن تبلغ الأزمة ذروتها غدا الخميس، عندما يعقد زيلينسكي اجتماعات حاسمة مع المسؤولين الحكوميين وأعضاء البرلمان بعد عودته من جولة أوروبية.
ويرماك هو مدير المكتب الرئاسي وهو سياسي بارع لعب دورًا حاسمًا في توجيه حكم زيلينسكي منذ توليه السلطة في عام 2019 حتى إن البعض يعتبره “رئيسا مشاركا” تقريبًا.
وتأتي الهجمات على يرماك في اللحظة الأكثر حساسية بالنسبة لزيلينسكي حيث تواجه كييف عجزًا هائلاً في الميزانية، كما يتعين عليه إقناع الحلفاء في الغرب بأن أوكرانيا مكان آمن لإرسال مليارات اليورو من التمويل الحيوي.
ونقلت “بوليتيكو” عن شخصين شاركا بشكل مباشر في المناقشات السياسية قولهما إن زيلينسكي سيرد ويدافع عن يرماك في وجه الانتقادات المتزايدة خلال أيام.
وتشير الحملة ضد يرماك ومحاولات ربطه بفضيحة الفساد المتفاقمة، إلى إحباط واسع النطاق داخل كل من المعارضة وحزب زيلينسكي إزاء هيمنة الرجل على منصب الرئاسة خاصة بعدما أثارت محاولات مكتب الرئاسة لتجريد مكتب مكافحة الفساد الأوكراني من استقلاليته غضبًا شعبيًا في يوليو/تموز الماضي.
وتعد فضيحة الفساد في قطاع الطاقة المنهار نقطة الاشتعال المباشرة التي تهز الساحة السياسية الأوكرانية وتغذي الهجوم على يرماك منذ اندلاع الجدل الأسبوع الماضي بعد توجيه اتهامات رسمية لمسؤولين حاليين وسابقين بالتلاعب بعقود في شركة الطاقة النووية الحكومية “إنيرجوأتوم” لانتزاع عمولات.
ويقول محققو الحكومة إن الشبكة غسلت ما يقرب من 100 مليون دولار من خلال مكتب سري في كييف لكن معظم المتهمين نفوا علنا ارتكاب مخالفات.
ويحاول خصوم يرماك ربطه مباشرة بالفضيحة، قائلين إنه هو أو أحد مساعديه هو الشخص المجهول الذي يشار إليه باسم “علي بابا” في تسجيلات التنصت المتعلقة بالقضية لكن مكتب مكافحة الفساد يقول إنه لا يستطيع “تأكيد أو نفي” هذا الادعاء، في حين يصر يرماك على براءته.
وردا على سؤال مباشر حول تورطه، قال يرماك لصحيفة “فيلت” الأسبوع الماضي “يذكرني الناس، وأحيانًا، دون أي دليل، يحاولون اتهامي بأشياء لا أعرف عنها شيئًا”.
ويكمن المأزق السياسي الذي يواجهه يرماك في أن خصومه يتهمونه بلعب دور قيادي في السعي لتجريد المكتب الوطني لمكافحة الفساد من استقلاليته، في الوقت الذي كان يحقق فيه المكتب في قضية شركة “إنيرجوأتوم”.
وفي تصريحات لـ”بوليتيكو”، قال مستشار أوكراني كبير طلب عدم الكشف عن هويته “هو من قرر افتعال صراع مع مكتب مكافحة الفساد” وأضاف “يرى أعداؤه في ذلك فرصة للتخلص منه”.
وأكدت مصادر مطلعة أخرى هذا الرأي وقال مسؤول أوكراني كبير لـ”بوليتيكو” شريطة عدم الكشف عن هويته “بالطبع، يطالب معارضو يرماك، وكذلك الأشخاص الذين جردهم من النفوذ والمخططات، الرئيس بإقالته”.
وفي وقت سابق، حاول زيلينسكي إصلاح الأضرار الناجمة عن فضيحة الطاقة بفرض عقوبات على شريكه التجاري السابق تيمور مينديتش الذي فر إلى إسرائيل كما أطلق تعديلًا وزاريًا وتدقيقًا في شركة “إنيرجوأتوم” وشركات طاقة حكومية أخرى.
مع ذلك، زعمت جهات رقابية ونواب أوكرانيون سواء من المعارضة، أو من حزب خادم الشعب الحاكم أن زيلينسكي لم يبذل جهدًا كافيًا، وطالبوا بتطهير شامل وتوقع المسؤولون الأوكرانيون الذين تحدثوا إلى “بوليتيكو” أن يضطر الرئيس إلى مناقشة الأمر مباشرة غدا الخميس.
وقال الرئيس السابق بيترو بوروشينكو، الذي خسر الانتخابات أمام زيلينسكي في 2019 بعد فضيحة فساد مماثلة تورط فيها حلفاؤه المقربون، إن حركة “أيون” بدأت بجمع التوقيعات لإسقاط الحكومة بأكملها، مستشهدة بضرورة استعادة ثقة الشعب وطمأنة حلفاء كييف في الحرب.
وكتب بوروشينكو في منشور على “فيسبوك” أمس “تواجه أوكرانيا أكبر تهديد لوجودها، منذ 24 فبراير/شباط 2022.. والآن، من الضروري حل مسألة ثقة الشعب الأوكراني بالحكومة.. المسألة تتعلق بثقة الشركاء في دولة أوكرانيا”.
وأكد نائب لصحيفة “بوليتيكو” وجود معارضة أيضًا داخل كتلة “خادم الشعب” لا سيما بعد نشر مكتب مكافحة الفساد الوطني تسجيلات صوتية حول مخططات فساد ويدرك الجميع أنها تقود إلى يرماك، وأنه كان وراء أزمة يوليو/تموز المتعلقة باستقلال مكتب مكافحة الفساد”.
وقال “إذا انكشف هذا الأمر علنًا، فسيقوض جميع أعضاء حزب خادم الشعب” وأضاف “هناك احتمال كبير أن يستقيل بالفعل، لكننا سنصدق ذلك عندما نراه”.
في المقابل، قال اثنان من المسؤولين الأوكرانيين إن زيلينسكي أبلغهم أنه لن يستسلم للضغوط وسيبقي على يرماك، لكنه سيجري بعض التغييرات الحكومية، وربما يعين بعض الشخصيات المعارضة لتهدئة المنتقدين.
وقال النائب المعارض ياروسلاف جيليزنياك، وهو منتقد صريح لزيلينسكي إن بعض نواب حزب خادم الشعب كانوا في حالة ثورة ويشتبهون في وجود صلة بين يرماك ومخططات الفساد. وأضاف “يفترض المشرعون أنه بدون يرماك، لم يكن كل هذا ليحدث”.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




