اسعار واسواق

أوروبا تدعم أوكرانيا بالسلاح.. وترامب يجني الأرباح


حققت إدارة الرئيس دونالد ترامب انتصارًا سياسيًا واقتصاديا، بعد إعلان دول أوروبية شراء كميات كبيرة من الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا.

ويرى مراقبون في هذه المبادرة مقاربة ذكية من جانب ترامب، تهدف إلى استمرار الدعم العسكري الغربي لكييف دون تحمل الولايات المتحدة أعباء مالية إضافية، وذلك من خلال نقل عبء التمويل العسكري إلى الحلفاء الأوروبيين، مع الحفاظ في الوقت ذاته على دور أمريكي محوري في إدارة الصراع.

وتُرجمت هذه الاستراتيجية على الأرض بإعلان هولندا عن صفقة بقيمة 580 مليون دولار تشمل أنظمة الدفاع الجوي “باتريوت” ومدفعية أمريكية الصنع. تلتها الدنمارك والنرويج والسويد بإجمالي استثمارات بلغت نحو 500 مليون دولار، ضمن إطار مبادرة “قائمة أولويات أوكرانيا” التي يشرف عليها حلف شمال الأطلسي “الناتو”.

وفي تعليقها على هذه الخطوة، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، أن هذه الالتزامات تُجسد رؤية الرئيس ترامب الرامية إلى ضخ استثمارات ضخمة في قطاع الصناعات الدفاعية الأمريكية، وخلق آلاف الوظائف محليًا، مع تعزيز قدرة أوروبا على الدفاع عن نفسها مستقبلاً.

كما تأتي هذه التحركات العسكرية في أعقاب اتفاق تجاري أُبرم مؤخرا بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تعهّدت بموجبه الدول الأوروبية بشراء معدات عسكرية أمريكية بمئات المليارات من الدولارات، ما يعزز موقع ترامب في الداخل والخارج.

سباق أوروبي لتعزيز القدرات الدفاعية



في موازاة ذلك، تتحرك أوروبا بسرعة لتعزيز جاهزيتها الدفاعية في ظل تصاعد التهديدات الروسية، إذ أعلن الاتحاد الأوروبي في وقت سابق عن خطة غير مسبوقة لإعادة التسلح بقيمة 685 مليار دولار، بالإضافة إلى قروض تتجاوز 170 مليار دولار، بهدف بناء قاعدة صناعية دفاعية تحقق نوعًا من الاستقلال الاستراتيجي على المدى الطويل.

ووصفت سفيرة الاتحاد الأوروبي في واشنطن، يوفيتا نيليوبشينيه، التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة بأنه “مسألة وجودية”، مشيرة إلى أن دول القارة تسعى إلى تنويع مصادر التسلح، وتوسيع الإنتاج العسكري المحلي، بهدف امتلاك قدرة ذاتية على الردع والدفاع.

بيد أنه رغم الزخم في الاستثمارات، لا تخلو الخطوة من تحذيرات. فعدد من الخبراء يرون أن الاعتماد الأوروبي المتزايد على الأسلحة الأمريكية قد يُضعف على المدى الطويل جهود القارة لبناء صناعة دفاعية مستقلة.

وتقول إيما آشفورد، الباحثة في مركز “ستيمسون”، إن صفقات التسليح الأمريكية تمثل “سلاحًا ذا حدين”: فهي تساهم في تسريع تحديث الجيش الأوروبي، لكنها في المقابل تُقوّض محاولات بناء قاعدة صناعية دفاعية أوروبية.

وأضافت أن شراء الأوروبيين للأسلحة الأمريكية لتسليمها إلى أوكرانيا يوفّر غطاء سياسيا مناسبا لترامب، إذ يجنّب إدارته الصدام مع الكونغرس حول حزم تمويل جديدة، ويُخفف من مخاوف الرأي العام الأمريكي بشأن كلفة الحرب.

أوروبا تكسب الوقت

ترامب خلال مشاركته في قمة الناتو


من جانبه، يرى أندراس راتس، الباحث في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، أن الاعتماد المؤقت على السلاح الأمريكي “أمر ضروري في المرحلة الراهنة”، مؤكدًا أن استمرار المقاومة الأوكرانية يمنح الأوروبيين وقتًا لتوسيع قدراتهم الدفاعية وتعزيز صناعاتهم العسكرية.

ويضيف راتس أن هذا النموذج يُسهِم في جعل الحرب أكثر قابلية للتنبؤ من ناحية التكاليف، خصوصًا مع مساهمة الأوروبيين في دعم قاعدة التصنيع الدفاعي الأمريكية، بدلًا من الاعتماد الحصري على تمويل واشنطن.

شكوك أوروبية تجاه نوايا واشنطن

ورغم الترحيب الرسمي الأوروبي بالمبادرة، لا تزال الشكوك قائمة حيال الالتزامات الأمريكية طويلة الأمد تجاه القارة الأوروبية.

ويرى يوراي مايتشين، الباحث في مركز السياسات الأوروبي ببروكسل، أن كثيرين في أوروبا يعتبرون الخطوة “محاولة أمريكية للانسحاب التدريجي من دعم أوكرانيا تحت غطاء دبلوماسي منسق مع الناتو”.

كما عبّر عن استياء أوروبي من الاتفاق التجاري الدفاعي الأخير، معتبرًا أنه يمنح الولايات المتحدة مكاسب كبيرة، في مقابل فوائد محدودة لأوروبا.

ويخلص مايتشين إلى أن على الأوروبيين بذل جهد مضاعف لإقناع إدارة ترامب بأن استمرار دعم أوكرانيا لا يخدم فقط المصالح الأوروبية، بل يُمثل مكسبًا استراتيجيًا للولايات المتحدة نفسها، من خلال إنهاك القدرات العسكرية الروسية، وإرسال رسالة واضحة إلى الصين، التي تتابع عن كثب كيفية إدارة واشنطن لالتزاماتها الأمنية حول العالم.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى