«جمعت أشلاء ابني من الشوارع»..صرخة أُم بغزة ونتنياهو يلوح بالتصعيد

في غزة تتقاطع الحرب والمعاناة في أبشع صورها، حيث تعكس دموع أم جمعت أشلاء ابنها حجم المأساة التي يغطيها صخب التهديدات العسكرية
وبينما تشتد المعاناة الإنسانية مع كل يوم يمر، يلوّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعمل عسكري أوسع في القطاع، متجاهلا دعوات قادة سابقين في الجيش والمخابرات الإسرائيلية إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ 22 شهرا.
هؤلاء القادة، ومن بينهم رؤساء سابقون لـ”الشاباك” و”الموساد”، اعتبروا في مقاطع فيديو أن الحكومة اليمينية المتطرفة تحتجز إسرائيل “رهينة” لإطالة أمد الصراع، واصفين أهداف نتنياهو في غزة بأنها “محض خيال”.
وكان من بين المتحدثين قادة سابقون في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، وجهاز الموساد، والجيش، بالإضافة إلى رئيس الوزراء السابق إيهود باراك.
وقال يوروم كوهين، الرئيس السابق لجهاز الأمن العام، في الفيديو إن أهداف نتنياهو في غزة “محض خيال”.
عمل عسكري أشد صرامة محتمل
وعقد نتنياهو مجلسه المصغر الأمني لتوجيه الجيش بشأن المرحلة التالية من الحرب، ملمحا إلى إمكانية اتخاذ إجراءات أشد صرامة. ومع ذلك، اختتم الاجتماع بعد ساعات دون أي إعلان عن خطط إسرائيل، بحسب ما طالعته “العين الإخبارية” في وكالة أسوشيتد برس.
وعندما سأله أحد الصحفيين عما إذا كان يؤيد إعادة احتلال غزة، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه لم يكن على علم بهذا “الاقتراح”، لكن “الأمر يعود إلى إسرائيل إلى حد كبير”.
وأوضح نتنياهو أن أهدافه تشمل هزيمة حماس، وإطلاق سراح جميع الرهائن الخمسين المتبقين، وضمان عدم تهديد غزة لإسرائيل مرة أخرى بعد أن أشعل هجوم حماس عام 2023 الحرب.
نتنياهو محاصر
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوجود خلافات بين نتنياهو وقائد الجيش، إيال زامير، حول كيفية المضي قدما.
ونقلت التقارير عن مسؤولين في مكتب نتنياهو قولهم إن رئيس الوزراء يضغط على الجيش، الذي يسيطر على حوالي ثلاثة أرباع غزة، للسيطرة على القطاع بأكمله – وهي خطوة قد تعرّض حياة الرهائن للخطر، وتعمّق الأزمة الإنسانية، وتفاقم عزلة إسرائيل الدولية.
وتقول التقارير إن زامير يعارض هذه الخطوة، وقد يتنحى عن منصبه أو يُطرد في حال الموافقة عليها.
ومع تصاعد اليأس، أعلنت هيئة الدفاع الإسرائيلية المنسّقة للمساعدات عن اتفاق مع تجار محليين لإدخال البضائع إلى القطاع المحاصر.
وأعلنت هيئة الدفاع الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق المساعدات، مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، على مواقع التواصل الاجتماعي أنه سيكون هناك “تجديد تدريجي ومنضبط لدخول البضائع عبر القطاع الخاص في غزة”.
وأوضحت أن عددا محدودا من التجار المحليين قد حصل على الموافقة على الخطة.
القتلى الفلسطينيون في تصاعد
جاء الضغط الجديد على نتنياهو في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الصحة في غزة أن عدد القتلى الفلسطينيين تجاوز 61 ألفا منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأفاد مسؤولو الصحة بوفيات جديدة لفلسطينيين جائعين يبحثون عن الطعام في نقاط التوزيع.
وذكروا أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار صباح الثلاثاء باتجاه فلسطينيين كانوا يسعون للحصول على مساعدات، وفي هجمات مستهدفة في وسط وجنوب غزة، مما أسفر عن مقتل 45 شخصا على الأقل.
ولم يصدر أي تعليق فوري من الجيش الإسرائيلي، الذي صرّح بعد حوادث إطلاق نار سابقة قرب مواقع توزيع المساعدات بأنه أطلق طلقات تحذيرية فقط على الأشخاص الذين اقتربوا من قواته.
ومن بين القتلى 26 شخصا على الأقل قُتلوا في ممر موراج، وهي منطقة عسكرية إسرائيلية، تقع بين رفح وخان يونس، جنوبي القطاع.
وقُتل مئات الفلسطينيين بنيران إسرائيلية منذ مايو/أيار الماضي، أثناء توجههم إلى مواقع توزيع الغذاء، وفقا لشهود عيان ومسؤولين صحيين محليين ومكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان.
المعاناة على لسان أصحابها
يصف سامي عرفات، وهو أب لسبعة أطفال، الفوضى التي عمّت ممر موراج، صباح الثلاثاء، قائلا إن الحشود اندفعت نحو قافلة من شاحنات مساعدات الأمم المتحدة، وأطلقت القوات الإسرائيلية النار باتجاههم.
وقال لوكالة أسوشيتد برس : “لا توجد مبانٍ تحمينا من إطلاق النار. المنطقة كلها أنقاض”.
وأضاف أن لصوصا يحملون سكاكين صعدوا إلى الشاحنات أولا، ومزقوا صناديق المساعدات، وسرقوا السكر الذي يمكن إعادة بيعه في السوق، تاركين وراءهم الأرز الأرخص”.
أما محمد قصاص من خان يونس، فأكد أن أطفاله الصغار يعانون من الجوع الشديد لدرجة أنه يضطر إلى اقتحام شاحنات المساعدات، التي نادرا ما تصل إلى المستودعات هذه الأيام بسبب توقفها من قبل الحشود الجائعة.
ويتساءل “كيف يُفترض بي أن أطعمهم؟ لا أحد يرحم”، مضيفا “إذا قاتلنا، نحصل على الطعام. وإذا لم نقاتل، فلن نحصل على أي شيء.”
وأصبح من المعتاد رؤية الرجال يعودون من بحثهم عن المساعدة حاملين الجثث وأكياس الدقيق.
ويؤكد فلسطينيون ومنظمات دولية أن الحصار الإسرائيلي والهجوم العسكري جعلا من شبه المستحيل إيصال المساعدات بأمان، مما ساهم في انزلاق القطاع نحو المجاعة.
وتقول منظمات الإغاثة إن الإجراءات الإسرائيلية التي اتخذتها منذ أسبوع للسماح بدخول المزيد من المساعدات غير كافية على الإطلاق.
في المقابل، تخشى عائلات الرهائن في غزة أن يؤثر عليهم الجوع أيضا، وتُلقي باللوم على حماس.
“جمعت أشلاء ابني من الشوارع”
إكرام نصر، قُتل ابنها بالرصاص أثناء بحثه عن المساعدة قرب ممر موراج.
“اضطررت للذهاب وحدي لأحمل ابني”، قالت والدموع في عينيها لوكالة أسوشيتد برس “جمعت أشلاء ابني من الشوارع كما لو كانت لحم كلاب”.
وأضافت: “العالم أجمعه يراقب. إنهم يراقبون صبرنا وقوتنا وإيماننا بالله. لكننا لم نعد نملك القدرة على التحمل”.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز