«اتهامات باطلة».. خبراء يكشفون لـ«العين الإخبارية» كواليس حملة سلطة بورتسودان ضد الإمارات

أكاذيب واتهامات جديدة تطلقها سلطة بورتسودان ضد دولة الإمارات رغم دورها الداعم وبقوة للشعب السوداني.
ففي وقت يتمسك فيه ملايين السودانيين بـ”بارقة أمل” تحملها المبادرات الدولية والإقليمية لإنهاء الحرب الكارثية التي تدور في بلادهم، تقفز سلطة بورتسودان التي يديرها التنظيم الإخواني من داخل الجيش السوداني، إلى مناورة جديدة – كعادتها- تُعرقل بها أي جهود تهدف إلى حل الأزمة السودانية عبر المسار التفاوضي السلمي.
وتتزامن اتهامات سلطة بورتسودان ضد دولة الإمارات هذه المرة، مع اقتراب دول الرباعية ( الإمارات، السعودية، مصر، بالإضافة للولايات المتحدة) من عقد اجتماعها في واشنطن، لبحث رؤية جدية لإنهاء النزاع في السودان، عبر آلية متفق عليها، وتكون مُلزمة لطرفي النزاع للتوقيع على اتفاق وقف لإطلاق النار وايصال المساعدات الانسانية للمدنيين، تمهيداً لإطلاق عملية سياسية شاملة تُنهي الحرب، وتستعيد مسار الحكم المدني الديمقراطي في السودان.
وطبقاً لآراء مراقبين، فإن التنظيم الإخواني المتحكم في قرارات الجيش السوداني، ينطلق من فرضية عداء استراتيجي ضد دولة الإمارات، لإدراكه المتيقن لموقف الإمارات الثابت ضد الإرهاب والتطرف الذي تمثله جماعات التنظيم الإخواني في كل بقاع العالم، لا سيما منطقة المحيط العربي والأفريقي على وجه التحديد.
ضد الإرهاب والتطرف
وبحسب مراقبين، فإن دولة الإمارات تمتاز بثقل نوعي وتأثير دبلوماسي كبير في جميع القضايا الإقليمية المتصلة بنبذ التطرف والإرهاب وتحرير الأنظمة الحاكمة من قبضة التنظيم الإخواني الإرهابي.
ولهذا فإن حضور الإمارات عبر أي آليات دولية وإقليمية لحل الأزمة السودانية، بات يمثل تهديداً مباشراً لمطامع التنظيم الإخواني في العودة للسلطة من بوابة الحرب والفوضى الأمنية في السودان.
فايز السليك، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء السابق في حكومة الفترة الانتقالية في السودان، عبدالله حمدوك، قال لـ”العين الإخبارية”، إن الحرب السودانية أشعلها التنظيم الإخواني بهدف إعادة ترسيم المشهد السياسي بالدماء، ولذلك لن يقبل التنظيم الإخواني أي وقف للحرب لا يعيد الأوضاع لما قبل أبريل/نسيان 2019- (تاريخ سقوط نظام الإخوان عبر ثورة شعبية في السودان).
وأكد السليك على أن التنظيم الإخواني المسيطر تماماً على الجيش السوداني وقراراته، إضافةً إلى وجود مليشيات تابعة له ومنخرطة في القتال بصفوف الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع، سوف يضع كل العقبات في طريق أي مبادرة لوقف الحرب.
وأشار السليك إلى دور التنظيم الإخواني في إفشال الجهود الدولية والإقليمية السابقة في “جدة” و”المنامة” و”جنيف” من خلال تحريك مواقف قيادة الجيش السوداني للهروب من أي التزامات قد تتمخض من تلك المبادرات السابقة.
وقال إنه “حتى لو وافق بعض العسكريين في الجيش السوداني، على نتائج الرباعية المرتقبة في واشنطن، وكانت لديهم رغبة في وقف الصراع، فلن ينجحوا لأنهم تيار “ضعيف” مقارنة مع تيار “الإخوان” المتمدد داخل مفاصل هيئة الأركان والاستخبارات للجيش السوداني” على حد قوله.
تكتيك تصعيد الأزمات
المحلل السياسي ورئيس تحرير مجلة “أفق جديد” السودانية، عثمان فضل الله ، يرى أنه و منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل/نيسان 2023، ظلت وزارة الخارجية التابعة لبورتسودان تلجأ إلى تكتيك تصعيد الأزمات كلما لاح في الأفق مسار جدي نحو وقف الحرب، ما يعكس رهاناً سياسياً لدى هذا التيار على “استثمار الحرب” كوسيلة لإعادة السيطرة على الدولة، دون القبول بأي عملية انتقالية قد تفضي إلى إضعاف نفوذه.
وقال فضل الله لـ”العين الإخبارية” إن “تجديد الاتهام للإمارات، بهذا المعنى، لا يبدو كخطوة معزولة أو عفوية، بل هو حلقة ضمن سلسلة مواقف تُظهر بجلاء أن سلطة بورتسودان تخشى من أي اختراق سياسي لا يُفضي إلى تعزيز سيطرتها على السلطة”.
وأضاف أنه ” لذا من غير المستغرب ان تجدد سلطة بورتسودان، ووزارة خارجيتها، اتهامها للإمارات بلعب دور مباشر في النزاع المستمر، ورغم أن هذا الاتهام ليس جديداً، إلا أن تكراره في هذا التوقيت يحمل دلالات سياسية واضحة تتجاوز مجرد تسجيل موقف دبلوماسي”.
وأوضح فضل الله بأن البيان يأتي قبل أيام من اجتماع مرتقب في واشنطن، لدول الرباعية ووسط تسريبات عن قرب الإعلان عن مبادرة جديدة لتسوية النزاع، مؤكداً بأن الأرجح هو أن تجديد الاتهام يمثل نوعاً من المناورة السياسية، تسعى من خلاله السلطة القائمة في بورتسودان إلى تحقيق أحد هدفين، أو كليهما معاً”.
وقال إن “الهدف الأول، هو التهرب من مخرجات اجتماع واشنطن المحتملة: في حال حملت المبادرة المرتقبة بنوداً تتعارض مع مصالح التيار المهيمن داخل سلطة بورتسودان، وتحديداً جماعة الإخوان المسلمين، فإن افتعال توتر مع طرف فاعل في الرباعية (الإمارات) قد يكون وسيلة لنسف أي تفاهمات مسبقة أو خلق مبرر مبكر لرفض النتائج”.
وأوضح أن الهدف الثاني يتمثل فيما أسماه “محاولة” لإعادة تشكيل موازين الوساطة الدولية: عبر دفع الولايات المتحدة إلى إدخال أطراف إقليمية أخرى أقل خصومة مع بورتسودان – مثل تركيا أو قطر أو إريتريا – في ترتيبات الحل، وذلك بالتصعيد الإعلامي والدبلوماسي ضد الإمارات، ووصم دورها بأنه غير نزيه”.
وأشار إلى إن توقيت تجديد الاتهام يعكس بوضوح أن السلطة في بورتسودان لا تتعامل مع جهود التسوية كفرصة لإيقاف نزيف البلاد، بل كمعركة نفوذ لا تقبل فيها بأية معادلة لا تكون فيها الطرف الغالب”.
قلق من تسوية سلمية
ومن جانبه، يرى المحلل السياسي السوداني، عبدالكريم الأمين، أن الاتهامات المتكررة من قبل سلطة بورتسودان ضد الإمارات، ترتبط دائماً بنوعية الجهود الدولية والإقليمية الجارية على الأرض بغرض الوصول لتسوية سياسية سلمية تُنهي الحرب في السودان.
وقال عبدالكريم لـ”العين الإخبارية ” إنه “منذ أن بات في حكم المؤكد بأن الولايات المتحدة عازمة على إنهاء الحرب في السودان عبر آلية دول الرباعية، أعطى التنظيم الإخواني في السودان الإشارة لـ”غرفه الاعلامية” لشن هجوم عنيف ضد وجود دولة الإمارات ضمن الرباعية، تمهيداً لتشكيل موقف عام داخل الجيش السوداني يرفض نتائج اجتماع الرباعية المزمع عقده في واشنطن خلال الفترة القادمة”.
وأضاف عبدالكريم أن هناك سوابق كثيرة لقيادات الجيش السوداني في التهرب من أي مبادرات دولية أو إقليمية، بسبب “دعاية” ممنهجة أطلقها الإخوان ضد وجود الإمارات في المبادرات، خوفاً من قدرة الإمارات وحجم نفوذها الدولي في التأثير على نتائج أي تسوية سياسية مرجوة”.
وأكد أن ” الإمارات لها موقف واضح ومحدد من التنظيم الإخواني وأفرعه وواجهاته في كل دول العالم، ولهذا فإن إخوان السودان يتخوفون من وجود الإمارات، ويتهمونها بدعم قوات الدعم السريع، رغم أن محكمة العدل الدولية نفسها، رفضت من قبل هذه الادعاءات، ولم ترى لها وجود أي أسانيد قانونية أو “بيّنة” معلومة تدعمها، وفقاً لخبراء القانون في محكمة العدل الدولية”.
وأشار عبدالكريم إلى أن عداء سلطة بورتسودان ضد الإمارات، يحمل في طياته كثيرا من المتناقضات.
موقف إماراتي ثابت
من جانبها، أعلنت دولة الإمارات رفضها القاطع للاتهامات التي وردت في البيان الصادر عن سلطة بورتسودان، والتي زعمت تورط الإمارات في النزاع الدائر في السودان من خلال دعم مزعوم لعناصر أو جهات مسلحة.
الإمارات، وصفت هذه المزاعم بأنها باطلة وتفتقر إلى أي دليل، معتبرة أنها مجرد مناورات إعلامية تهدف إلى صرف الأنظار عن المسؤولية المباشرة لتلك السلطة في إطالة أمد الحرب الأهلية التي تجاوزت عامها الثاني، وإفشال كافة المبادرات الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في السودان.
دولة الإمارات أكدت كذلك أن الآليات الدولية سبق أن رفضت هذه الاتهامات، مشيرة إلى قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي الذي رفض الدعوى المقدمة من سلطة بورتسودان ضد الإمارات، إضافة إلى التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني بالسودان، الصادر بتاريخ 17 أبريل/نيسان 2025، والذي لم يتضمن أي استنتاجات أو أدلة تدين الدولة.
هذه المعطيات، بحسب بيان إماراتي سابق، تؤكد زيف الادعاءات المتكررة وغياب أي أساس قانوني أو واقعي لها، وتُظهر بوضوح أن الاتهامات الموجهة للإمارات لا تستند إلى حقائق موضوعية.
البيان الإماراتي شدد على أن ما يُسمى بسلطة بورتسودان لا تمثل الحكومة الشرعية للسودان، ولا تعبر عن إرادة شعبه، داعيًا المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لدعم عملية سياسية يقودها المدنيون، بعيدًا عن هيمنة أي من الطرفين المتصارعين.
واعتبرت الإمارات أن هذه الاتهامات تمثل محاولة مكشوفة لعرقلة مسار السلام، والتنصل من الالتزامات الأخلاقية والقانونية والإنسانية تجاه إنهاء النزاع، وفتح المجال أمام عملية انتقالية تعكس تطلعات الشعب السوداني في الأمن والاستقرار والتنمية.
وجددت دولة الإمارات التزامها الكامل بدعم كافة الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين، ومحاسبة مرتكبي الفظائع والانتهاكات، والعمل مع الشركاء لإيجاد حل شامل ومستدام ينهي الحرب المدمرة، ويضمن مستقبلًا آمنًا ومستقرًا للسودان وشعبه، مؤكدة بأن هذا الموقف يأتي في إطار السياسة الإماراتية الثابتة التي تدعم السلام والاستقرار في المنطقة، وتدعو إلى احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز