السياحة في شمال أفريقيا.. 15 مليار دولار إيرادات حتى منتصف 2025 ومصر تتصدر السباق

على غرار الارتفاع في أعداد الوافدين من السياح، سجلت إيرادات السياحة ارتفاعاً كبيراً أيضاً في الدول الثلاث الرئيسية في شمال أفريقيا، وهي؛ مصر، المغرب، وتونس.
وتعد هذه الإيرادات من المصادر الأساسية للعملة الصعبة في هذه الدول، ما يعزز مكانتها كأهم الوجهات السياحية في القارة الأفريقية.
الزخم الذي تشهده المنطقة من حيث توافد السياح انعكس بشكل واضح على ارتفاع إيرادات السفر، فحتى نهاية يونيو/حزيران 2025، بلغت الإيرادات السياحية المجمعة لكل من مصر، المغرب، وتونس، وهي أهم ثلاث وجهات سياحية أفريقية، نحو 15.06 مليار دولار، مسجلةً زيادة بنسبة 19.52% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويعزى هذا النمو في الأساس إلى الارتفاع الكبير في عدد السياح القادمين، بحسب موقع “360” المغربي الناطق بالفرنسي.
مع ذلك، يلاحظ عموماً أن وتيرة نمو الإيرادات السياحية تبقى أبطأ من وتيرة ارتفاع أعداد السياح، حيث يوجد تفاوت واضح بين نسب النمو في عدد الوافدين وبين الإيرادات، خصوصاً في المغرب، حيث ارتفعت الإيرادات السياحية المحسوبة بالدرهم بنسبة 9.60% فقط.
المغرب.. تفاوت بين نمو الإيرادات وعدد السياح
بلغت الإيرادات السياحية المغربية خلال النصف الأول من عام 2025 حوالي 5.4 مليار درهم، أي ما يعادل نحو 5.94 مليار دولار أمريكي (باحتساب سعر الصرف: 1 دولار = 9.10 درهم)، مسجلةً بذلك نمواً قدره 9.53%.
هذا النمو لم يكن منتظماً خلال الأشهر الستة الأولى من العام. ففي يناير/كانون الثاني، سجلت الإيرادات ارتفاعاً بنسبة 10% (8.8 مليار درهم)، لكنها تراجعت بنسبة -5.09% في فبراير/شباط مقارنة بالفترة نفسها من 2024، ثم عادت لتحقق نمواً طفيفاً بنسبة 1.14% في مارس/آذار (8.92 مليار درهم). وكنتيجة لذلك، لم تتجاوز نسبة النمو في نهاية الربع الأول من 2025 2.4% فقط، بإجمالي إيرادات بلغ 24.62 مليار درهم.
ساهم تزامن شهر رمضان مع مارس/آذار في كبح النمو، كما أن الاعتماد الكبير على السياح القادمين عبر شركات الطيران منخفضة التكلفة، إضافة إلى أن العديد من المغاربة المقيمين بالخارج لا يقيمون في الفنادق، يُضعف من تسجيل نفقاتهم ضمن إحصاءات السياحة.
رغم ذلك، عرف الربع الثاني انتعاشاً قوياً في الإيرادات، حيث سجلت زيادات كبيرة في: أبريل/نيسان: +20.50% (9.8 مليار درهم)، ومايو/أيار: +12.9% (10.68 مليار درهم).
ومع أن الإيرادات السياحية المغربية سجلت نمواً بنسبة 9.53%، فإنها تبقى أقل بكثير من نمو عدد السياح البالغ 19% خلال النصف الأول من العام. ويستدعي هذا التفاوت تحليلاً دقيقاً لتجنب انزلاق المغرب نحو نموذج سياحة جماعية ضعيفة القيمة من حيث العائدات بالعملة الصعبة.
وقد بلغت المصاريف المتوسطة لكل سائح خلال النصف الأول من العام حوالي 667 دولاراً، أي أكثر بـ2.67 مرة من تونس، لكنها أقل بكثير من مصر التي يسجل فيها السائح الواحد 925 دولاراً.
آفاق مستقبلية
تعزز نتائج الربع الثاني من توقعات إيجابية للإيرادات خلال فصل الصيف، الذي يمثل ذروة الموسم السياحي وعودة الجاليات المقيمة بالخارج. كما أن انطلاق كأس أفريقيا للأمم (الكان) في ديسمبر/كانون الأول المقبل من المتوقع أن يعزز الإيرادات بشكل ملحوظ في نهاية العام.
تُعتبر السياحة ثالث مصدر للعملة الصعبة في المغرب بعد الصادرات وتحويلات الجالية، كما تلعب دوراً مهماً في موازنة الحساب الجاري.
مصر.. الاحتفاظ بصدارة الإيرادات السياحية
في عام 2024، فقدت مصر مكانتها كأول وجهة سياحية في أفريقيا من حيث عدد السياح لصالح المغرب، لكنها حافظت على ريادتها كأكبر بلد إفريقي من حيث إيرادات السياحة.
فحتى نهاية يونيو/حزيران 2025، سجلت مصر 8.05 مليار دولار من الإيرادات مقابل 8 ملايين سائح، متقدمةً على المغرب بأكثر من 2 مليار دولار.
وقد ارتفعت الإيرادات السياحية المصرية خلال هذه الفترة بنسبة 22%، تماشياً تقريباً مع الزيادة في عدد السياح التي بلغت 25%.
تجذب مصر، باعتبارها وجهة ثقافية وساحلية، سياحاً من ذوي الدخل المرتفع، مثل الألمان، والسعوديين، وغيرهم من مواطني دول الخليج الذين ينفقون أكثر بكثير من السياح القادمين إلى المغرب وتونس (الذين يتوافدون غالباً من فرنسا، إسبانيا، بلجيكا وإيطاليا).
ساهم أيضاً ارتفاع نسب إشغال الفنادق، خصوصاً في شرم الشيخ، حيث تجاوز متوسط الإشغال 75%، ووصلت بعض المنتجعات إلى أكثر من 90%.
بلغ متوسط الإنفاق لكل سائح خلال النصف الأول من 2025 نحو 925 دولاراً، أي أكثر بـ1.4 مرة من المغرب، و3.7 مرة من تونس.
السياحة تُعد ثالث مصدر للعملة الصعبة في مصر بعد الصادرات وتحويلات المصريين بالخارج، والذين يُعدون الأكبر عدداً في إفريقيا (أكثر من 10 ملايين شخص).
التوقعات
تُخطط مصر لاستقبال 18 مليون سائح خلال عام 2025، وتتوقع تسجيل رقم قياسي في الإيرادات السياحية، يُقدر بـ 18.3 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 9.5% عن عام 2024.
تونس.. إنفاق متوسط منخفض جداً لكل سائح
وفقاً لبيانات البنك المركزي التونسي، بلغت إيرادات السياحة حتى نهاية النصف الأول من عام 2025 نحو 3.3 مليار دينار تونسي، أي ما يعادل 1.07 مليار دولار (بسعر صرف 1 دولار = 3.07 دنانير). وسجلت الإيرادات نمواً بنسبة 8.4% بالعملة المحلية، وبنسبة 15% بالدولار، مدعومة بارتفاع قيمة الدينار مقابل الدولار.
لكن، ورغم هذا التحسن، فإن نمو الإيرادات (8.5%) لا يزال أقل من نمو عدد السياح (11.5%).
أما متوسط الإنفاق لكل سائح، فقد بلغ 250 دولاراً فقط، وهو من أدنى المعدلات في إفريقيا، ويقل كثيراً عن نظيريه في المغرب ومصر.
يرجع ذلك إلى تبني تونس نموذج السياحة الجماعية منذ سنوات طويلة، حيث يعتمد على منظمي الرحلات الأوروبيين الذين يفضلون صيغ “الكل مشمول” ، والتي تدر أرباحاً محدودة جداً من العملة الصعبة للدولة.
السياحة تبقى من أهم مصادر العملة الصعبة في تونس، إلى جانب الصادرات وتحويلات الجالية التونسية، وتسهم في تحسين احتياطي النقد الأجنبي والميزان الجاري.
التوقعات للنصف الثاني من 2025
من المتوقع أن تسجل الدول الثلاث إيرادات سياحية أعلى بكثير في النصف الثاني من السنة، نظراً لتزامنه مع عودة الجاليات في فصل الصيف، وذروة موسم السفر.
ومن المرجح أن تتجاوز الإيرادات الإجمالية لعام 2025 حاجز 30 مليار دولار، متفوقة على إجمالي إيرادات 2024.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز