شركة طيران أمريكية تغامر بثقة بالمستهلكين.. تسعير التذاكر بالذكاء الاصطناعي

أثار إعلان شركة الطيران الأمريكية “دلتا إيرلاينز” عن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد أسعار التذاكر موجة انتقادات واسعة.
جاء ذلك وسط مخاوف متزايدة من التلاعب بالأسعار واستغلال البيانات الشخصية.
وكانت الشركة قد أعلنت في يونيو/حزيران الماضي أنها بدأت باستخدام الذكاء الاصطناعي في تسعير نحو 1% من شبكتها، وتهدف إلى رفع هذه النسبة إلى 20% بحلول نهاية العام. وقال رئيس الشركة غلين هاوينشتاين خلال مكالمة أرباح الربع الثاني في يوليو/تموز إن “النتائج الأولية تُظهر عائدات ممتازة”، وأضاف: “نحن في مرحلة تجريبية مكثفة، ونحب ما نراه.”
لكن تصريحات الشركة، خصوصًا استخدام مصطلحات مثل “سعر خاص بك، في تلك الرحلة، في ذلك الوقت”، أثارت قلق المستهلكين. وسرعان ما امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بالتخوفات من إمكانية التلاعب الفردي بالأسعار بناءً على بيانات شخصية أو سلوك الشراء السابق.
ونقل تقرير نشره موقع “بيزنس إنسايدر” عن برنت ماكدونالد، وهو محامٍ من مدينة سولت ليك وأحد عملاء دلتا الدائمين، وصف استخدام الذكاء الاصطناعي في التسعير بأنه استغلال دلتا لموقعها الاحتكاري في مطارات معينة لزيادة الأرباح على حساب المستهلك.
وانضم إلى القلق الشعبي عدد من المشرعين، من بينهم السيناتور روبن غاليغو، الذي أرسل خطابًا رسميًا إلى دلتا مطالبًا بإيضاحات حول استخدام الذكاء الاصطناعي، ومدى تأثيره على الخصوصية والأسعار.
وردت دلتا على الانتقادات برسالة رسمية أكدت فيها أن الشركة “لا تستخدم، ولم تستخدم، ولا تخطط لاستخدام الذكاء الاصطناعي لتقديم عروض أسعار مخصصة استنادًا إلى معلومات شخصية”.
وأوضحت أن الذكاء الاصطناعي يُستخدم فقط لتحسين ممارسات التسعير الديناميكي المعتمدة في صناعة الطيران، من خلال تحليل الطلب على الرحلات، وتجميع بيانات الشراء العامة، ومعالجة آلاف العوامل لتوقع سلوك السوق، دون الرجوع لأي بيانات فردية.
ويرى تيم ساندرز، نائب رئيس قسم الأبحاث في شركة G2، أن الإعلان كان موجهًا أساسًا لإرضاء المستثمرين، لكنه تسبب في أزمة علاقات عامة. وقال”حينما تقول إنك تستخدم الذكاء الاصطناعي في منتج موجه للمستهلكين، تثير بذلك علامات استفهام كثيرة”.
الشفافية هي الحل
وأضاف أن غموض دلتا في البداية فاقم المخاوف، مشددًا على أن الشفافية هي السبيل لاستعادة ثقة الجمهور.
من جهتهم، يرى خبراء الصناعة أن شركات الطيران قادرة على تهدئة الرأي العام من خلال خطوات ملموسة، مثل عرض العوامل التي تحدد أسعار التذاكر، وتقديم خيار للمستخدمين لرفض التسعير القائم على الذكاء الاصطناعي، حتى لو عنى ذلك فقدان بعض الخيارات.
كما أشار كلينت هندرسون، من موقع “ذا بوينتس غاي”، إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى رفع الأسعار على العملاء المخلصين الذين يفضلون البقاء مع شركة واحدة لجمع النقاط، لكنه أقر أن التقنية قد تُستخدم أيضًا في تحسين تجربة السفر، كمنح خصومات للعملاء الجدد أو تسعير الترقية للمقاعد بشكل ذكي.
من جهته، شدد زاك كاس، مستشار في الذكاء الاصطناعي والرئيس السابق لقسم السوق في OpenAI، على أن الشركات بحاجة إلى التركيز على كيف يُحسّن الذكاء الاصطناعي تجربة العملاء، لا فقط الأرباح. “تحدثوا عن انخفاض أوقات الانتظار في خدمة العملاء، أو تحسين دقة مواعيد الرحلات، أو تقليل فقدان الأمتعة”.
وفي النهاية، يتفق الخبراء على أن الشركات التي تروّج لاستخدام الذكاء الاصطناعي دون توضيح صريح لكيفية استخدامه تخاطر بفقدان ثقة المستهلكين، وهو ما قد يُبطئ من تبني التكنولوجيا بشكل عام.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز