«سو-57» و«تسيركون».. معادلة تقلب موازين الردع الروسي

في تطور يُعيد رسم معادلات الردع الاستراتيجي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية رسميا اكتمال دمج صواريخ فرط صوتية متطورة ضمن ترسانة مقاتلاتها الشبحية سو-57، في إطار برنامج تسليح متسارع للقوات الجوية الفضائية.
ولطالما أثارت احتمالات تزويد مقاتلات «سو-57» بصواريخ فرط صوتية اهتمام المتابعين، لا سيما بعد ما كشفته وكالة “تاس” الروسية في فبراير/شباط 2023 عن تطوير صاروخ جو-أرض صغير الحجم يتمتع بقدرات فرط صوتية، ووصوله إلى مرحلة النموذج الأولي، بحسب مجلة “مليتري ووتش”.
ويُرجح أن هذا الصاروخ هو نسخة جوية من صاروخ “تسيركون ” Zircon، والذي دخل الخدمة على متن السفن الروسية في يناير/كانون الثاني 2023، ثم جرى دمجه لاحقا في الغواصات الهجومية. وتعمل موسكو حاليا على إدخال الصاروخ إلى منصات إطلاق برية أيضا.
يتميّز “تسيركون” بسرعة تزيد عن 9 ماخ، ومدى يصل إلى 1000 كيلومتر، مع قدرة على تجاوز جميع أنظمة الدفاع الجوي الحديثة والمستقبلية، بحسب تصريحات وزير الدفاع الروسي السابق سيرغي شويغو.
وتُعد طاقته التدميرية الهائلة عند الاصطدام – الناتجة عن سرعته الفائقة – كافية لتحييد حتى القطع البحرية الكبيرة.
وفي مقارنة واضحة، يبلغ مدى أقوى صاروخ أمريكي مضاد للسفن “إس إم-6” نحو 450 كيلومترًا فقط، مع سرعة قصوى لا تتجاوز 3.5 ماخ، ما يُبرز الفجوة النوعية بين المنظومتين.
تكامل فريد بين التخفي والضربات فائقة السرعة
يشكّل الدمج بين صاروخ “تسيركون” ومقاتلة سو-57، التي تتمتع بتقنية التخفي ومدى عملياتي طويل، إضافة استراتيجية فريدة، تُضاعف من قدرة روسيا على استهداف الأساطيل البحرية المعادية من مسافات آمنة، وبسرعات لا يمكن رصدها أو اعتراضها بسهولة.
ومع خطط روسية لزيادة عدد مقاتلات سو – 57 إلى عدة مئات بحلول أواخر العقد المقبل، تبرز هذه المنظومة كسلاح ردع بحري فعّال وعالي الديناميكية.
صواريخ كروز طويلة المدى… بحجم أصغر
صاروخ “تسيركون” ليس الوحيد في ترسانة سو-57 الجديدة؛ ففي أكتوبر/تشرين الأول 2023، كشفت وسائل إعلام روسية عن تطوير صاروخ كروز مشتق من صاروخ كيه إتش 101/102 – المستخدم على القاذفات الاستراتيجية – مخصص للعمل على سو-57.
ورغم حجمه الأصغر، يحتفظ الصاروخ بمدى يصل إلى 3500 كيلومتر، ما يمنح المقاتلة الروسية أطول مدى اشتباك في العالم ضمن فئتها.
وتعود هذه القفزة إلى تصميم الجناح القابل للطي، وتخطيط داخلي ذكي، واستخدام محرك توربيني مصغّر وعالي الكفاءة، رغم غياب تفاصيل إضافية حول البرنامج حتى الآن.
فرص التعميم والتصدير
ورغم تمركز “سو-57” في فوج قتالي واحد، فإن احتمال تعميم الصواريخ الفرط صوتية التي طُورت خصيصًا لها على طائرات أخرى في الأسطول الروسي يبدو مرجّحًا، خصوصًا بعد رصد صاروخ آر-77 إم جو-جو المتطور – الخاص بـ سو-57 مرفقا في مقاتلات سو-35 إس.
كما أن توسيع توافقية هذه الأسلحة مع مقاتلات روسية أخرى يعزّز فرص تصديرها، خاصة في ظل السباق العالمي على تكنولوجيا التفوّق الجوي والبحري.
في السياق ذاته، تبرز مقاتلة ميغ-31 كيه/1 كمنصة محتملة لإطلاق النسخة الجوية من “تسيركون”، بعدما سبق استخدامها في إطلاق صواريخ كينجال كيه إتس-47 إم2 الباليستية. ويتوقع أن تتمكن المقاتلة من حمل عدة صواريخ في الطلعة الواحدة، نظرا لصغر حجم تسيركون مقارنة بـ”كينجال”، ما يضاعف من قدراتها الهجومية.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز