من «وعد بلفور» للاعتراف بفلسطين.. هل تصحح بريطانيا خطأها؟

بريطانيا تعتزم الاعتراف رسميا بدولة فلسطين في حال لم تتخذ إسرائيل “خطوات حيوية” بغزة، فهل تصلح «خطأ بلفور» بعد 108 سنوات من وعده؟
والثلاثاء، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن لندن ستعترف رسميا بدولة فلسطين في سبتمبر/ أيلول المقبل، إلا إذا اتّخذت إسرائيل “خطوات حيوية” في غزة، بينها الموافقة على وقف إطلاق النار.
وخطوة اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين ستكون تاريخية في حال اتّخذت، علما بأن الإعلان عنها يندرج في إطار خطة لـ”سلام دائم” يسعى ستارمر للدفع بها قدما، بعدما استدعى أعضاء حكومته لإجراء محادثات طارئة عصر الثلاثاء لبحث الأوضاع في قطاع غزة.
وبقرارها، تكون بريطانيا في طريق إصلاح خطأ تاريخي ارتكبته عام 1917 بإعلانها «وعد بلفور».
وإعلان بلفور هو رسالة من 67 كلمة وجّهها آرثر بلفور في عام 1917 وزير الخارجية حينها، إلى ليونيل روتشيلد، وهو بريطاني يهودي بارز يدعم فيها “إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين”.
ويُنظر إلى الوثيقة على أنها عامل أساسي ساهم في قيام دولة إسرائيل في العام 1948، وهو ما أدى أيضا إلى تهجير 750 ألف فلسطيني وإلى صراع مستمر منذ عقود بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
دوافع
ثمة 4 أسباب تدفع بريطانيا لهذه الخطوة وهي أولا، محاولة الحفاظ على بقاء حل الدولتين، وثانيا، وجود حكومة يمينية في إسرائيل تلوح بضم الضفة الغربية وقطاع غزة لتمديد الصراع.
وثالثا محاولة لطرح بديل سلمي للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، ورابعا إرضاء الشارع البريطاني الغاضب بسبب ما يجري في غزة،
والخطوة التي تأتي بالتزامن مع قرار مماثل من فرنسا، قد تعطي زخما لموجة اعترافات يتوقع أن تجتاح أوروبا.
ويتوقع دبلوماسيون فلسطينيون، في تصريحات متفرقة لـ”العين الإخبارية”، أن تعلن إيطاليا أيضا قرارها بالاعتراف بفلسطين، فيما يستثنون ألمانيا.
ويعكس القرار البريطاني تحولا دبلوماسيا لافتا خصوصا في ضوء الضغوط الإسرائيلية والأمريكية على لندن لعدم الإقدام على هذه الخطوة.
تحول تاريخي
والمفارقة أن القرار يأتي بعد 108 أعوام على إصدار بريطانيا وعد بلفور الذي مهد الطريق لإنشاء دولة إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني.
وقال ستارمر في بيان: “يجب أن نبذل كل ما في وسعنا لإنهاء المعاناة الحالية وتغيير الوضع على الأرض”.
وأضاف: “كما أننا بحاجة إلى خطة شاملة لإنهاء هذه المأساة والوصول إلى تسوية طويلة الأمد. ونحن ملتزمون بالعمل مع شركائنا الدوليين من أجل وضع خطة سلام موثوقة للمرحلة المقبلة في غزة، تتضمن ترتيبات انتقالية للحكم والأمن، وتضمن إيصال المساعدات الإنسانية على النطاق المطلوب”.
وأكد أن ذلك “يجب أن يترافق ذلك مع انسحاب القوات الإسرائيلية وإزالة قيادة حماس من غزة كخطوات أساسية نحو حل تفاوضي قائم على حل الدولتين”.
وإذا ما مضت بريطانيا في تنفيذ هذا التوجه، فسيكون ذلك تحولاً تاريخياً في سياستها الخارجية
كما يأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد تهديدات حكومة اليمين في إسرائيل بنسف حل الدولتين من أساسه عبر ضم الضفة الغربية وإعادة احتلال قطاع غزة، ورفضها المتكرر لأي مبادرات لحل الدولتين، وتواصل توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وهو ما تعتبره بريطانيا والاتحاد الأوروبي انتهاكاً للقانون الدولي.
وفي تعقيبها، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان: “ترفض إسرائيل تصريح رئيس الوزراء البريطاني”.
وأضافت: “إنّ تحوّل موقف الحكومة البريطانية في هذا الوقت، إثر الخطوة الفرنسية والضغوط السياسية الداخلية، يُمثّل مكافأةً لحماس، ويُضرّ بجهود التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، ووضع إطارٍ لإطلاق سراح الرهائن”.
ما هو وعد بلفور؟
صدر وعد بلفور في 2 نوفمبر/ تشرين ثاني 1917، على شكل رسالة من وزير الخارجية البريطاني آنذاك آرثر بلفور إلى اللورد روتشيلد، يتعهد فيها بدعم “إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين”، دون أي اعتبار للحقوق السياسية والوطنية للسكان الأصليين، أي الفلسطينيين.
ومنذ ذلك الحين، ظل الفلسطينيون ينظرون إلى الوعد كجذر المأساة التي حلت بهم، وكمقدمة لاحتلال أراضيهم وتهجيرهم القسري.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز